للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصاد، وكسر الموحّدة، فعيل بمعنى مفعول؛ أي: مصبوغًا بما لا يحلّ للنساء لبسه في الإحرام، وهو ما صُبغ بورس أو زعفران، فقد أخرج الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم، وصححه، من طريق ابن إسحاق، قال: حدّثني نافع مولى عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نهى النساء في إحرامهنّ عن القفازين، والنقاب، وما مسّ الورس، والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبّت من ألوان الثياب، مُعَصْفَرًا، أو خَزًّا، أو حُلِيًّا، أو سراويل، أو قميصًا، أو خُفًّا"، وهو حديث صحيح.

(وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا) أي: ظنًّا منه أنه لا يجوز ذلك لها، وفيه إنكار الرجل على زوجته ما رآه منها من نقص في دينها.

قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: وإنكار عليٍّ على فاطمة - رضي الله عنهما - تحللها: إنما كان لأنه عَلِم أنها أحرمت بالحج، وأنها تحللت منه قبل إتمامه، وإنما أمرها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالتحلل؛ لأنها لم تَسُق الهدي، كما أمر غيرها ممن لم يسق الهدي. انتهى (١).

(فَقَالَتْ) فاطمة - رضي الله عنها - (إِنَّ أَبِي) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (أَمَرَنِي بِهَذَا) أي: حيث أمرهم بالتحلّل، فقالوا له: أي الحلّ؟ فقال: "الحلّ كلُّه"، فدخل فيه جميع محظورات الإحرام، من لبس الصبيغ وغيره (قَالَ) أي: جعفر بن محمد، عن أبيه (فَكَانَ عَلِيُّ) - رضي الله عنه - (يَقُولُ بِالْعِرَاقِ) أي: حينما ذهب إلى العراق، في خلافته - رضي الله عنه -، وقوله: (فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) مقول "يقول" (مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ) حال من الفاعل، والتحريش: الإغراء، والمراد به هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها (لِلَّذِي صَنَعَتْ) متعلّق بـ "مُحرّشًا"؛ أي: لأجل الأمر الذي صنعته، من لبس الصبيغ ونحوه، مما ينافي الإحرام، وقوله: (مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) حال أيضًا، إما مترادف، أو متداخلٌ؛ أي: طالبًا منه أن يُفتني (فِيمَا ذَكَرَتْ) أي: فاطمة - رضي الله عنها - (عَنْهُ) - صلى الله عليه وسلم -، مما زعمت أنه أمرها به (فَأَخْبَرْتُهُ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا) ظنًّا مني أنها فعلت محظورات الإحرام (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("صَدَقَتْ) أي: في قولها: "إن أبي أمرني بهذا"، وقوله: (صَدَقَتْ) كرّره تأكيدًا، وكرّره في رواية النسائيّ ثلاث مرّات.


(١) "المفهم" ٣/ ٣٣٠.