للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال - صلى الله عليه وسلم - لعليّ - رضي الله عنه -: (مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ؟ ") أي: ألزمته نفسك بالنيّة والتلبية، وفي رواية لأحمد، وابن الجارود: "وقال لعليّ: بم أهللت؟ أي: بأيّ شيء نويت حين أحرمت: بحجّ، أو عمرة، أو بهما؟

قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعليّ - رضي الله عنه -: "بم أهللت؟ " يدل على أنه لم يكن عنده خبر مما يُحرم به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يتقدَّم له فيه عهد منه، وأنَّ عليًّا - رضي الله عنه - هو الذي ابتدأ إحرامه محالًا به على إحرام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من غير تعيين حجّ ولا عمرة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - أقرَّه على ذلك، فكان ذلك حجة على جواز الحوالة على إحرام الغير مطلقًا إذا تحقق أنه أحرم ولا بدَّ، وبه قال الشافعي، وأُخِذ منه جواز الإحرام من غير تعيين، ثم بعد ذلك يعيَّن، وسيأتي. انتهى (١).

(قَالَ) عليّ - رضي الله عنه - (قُلْتُ: اللَّهمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ) - صلى الله عليه وسلم -، فيه أنه يصحّ الإحرام معلّقًا، وهو أن يُحرم إحرامًا كإحرام فلان، وقد سبق شرحه في الباب الماضي (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ) بسكون ياء "معي"، وفتحها، والمعنى: أنك إذا علّقت إحرامك بإحرامي، فإني أحرمت بالحجّ والعمرة، ولا أقدر أن أتحلّل؛ لأن معي الهديَ (فَلَا تَحِلُّ") "لا" ناهية، والفعل مجزوم، أو نافية، والفعل مرفوع، لكن المراد به النهي؛ أي: لا تحلّ أنت بالخروج من الإحرام، كما لا أحلّ أنا حتى يبلغ الهدي محلّه، وفي رواية: "فأَهْد، وامكث حرامًا كما أنت".

(قَالَ) جابر - رضي الله عنه - (فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْي) أي: من الإبل، و"الهدي" بالتشديد، والتخفيف: ما يُهدى إلى البيت الحراَم من النعم؛ ليُنحر عنده (الَّذِي قَدِمَ بِهِ) أي: بذلك الهدي (عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ) أي: للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - (وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -) زاد في رواية أبي داود، والنسائيّ وابن ماجه: "من المدينة" (مِائَةً) وفي رواية الدارميّ: "مائة بدنة" (قَالَ) جابر - رضي الله عنه - (فَحَلَّ النَّاسُ) المراد من لم يكن معه هديٌ؛ أي: خرجوا من الإحرام بأفعال العمرة، وقوله: (كُلُّهُمْ) أي: معظمهم، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: فيه إطلاق اللفظ العام، وإرادة الخصوص؛ لأن عائشة - رضي الله عنها - لم تحلّ، مع كونها لم تسق الهدي (وَقَصَّرُوا) قال الطيبيّ رحمهُ اللهُ:


(١) "المفهم" ٣/ ٣٣٠.