للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَإنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ) أي: أضعه وأتركه (مِنْ دِمَائِنَا) أي: المستحقة لنا أهلَ الإسلام، كذا قيل، والظاهر أن المراد دماء أقاربنا، ولذا قال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: ابتدأ في وضع القتل والدماء بأهل بيته وأقاربه؟ ليكون أمكن في قلوب السامعين، وأسدّ لباب الطمع بترخص فيه، وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: في هذه الجملة إبطال أفعال الجاهليّة، وبيوعها التي لم يتّصل بها قبضٌ، وأنه لا قصاص في قتلها، وأن الإمام وغيره ممن يأمر بمعروف، أو ينهى عن منكر ينبغي له أن يبدأ بنفسه، وأهله، فهو أقرب إلى قبول قوله، وإلى طيب نفس من قرب عهده بالإسلام. انتهى (١).

(دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ) أي: ابن عبد المطّلب، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: قال المحققون والجمهور: اسم هذا الابن إياس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وقيل: اسمه حارثة، وقيل: آدم، قال الدارقطنيّ: وهو تصحيف، وقيل: اسمه تمام، وممن سماه آدم: الزبير بن بكار، قال القاضي عياض: ورواه بعض رواة مسلم: "دم ربيعة بن الحارث"، قال: وكذا رواه أبو داود، قيل: هو وَهَمٌ، والصواب ابن ربيعة؛ لأن ربيعة عاش بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وتأوله أبو عبيد، فقال: "دم ربيعة"؛ لأنه وليّ الدم، فنسبه إليه، وهو حسنٌ ظاهرٌ، وبه تتفق الروايتان (٢).

وربيعة هذا هو ابن عمّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، يُكنى أبا أروى، وكان أسنّ من عمّه العباس بسنتين، صحابيّ، روى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أحاديث، وتُوُفِّي في أول خلافة عمر، وقيل: في أواخرها سنة ثلاث وعشرين (٣).

(كَانَ مُسْتَرْضِعًا) بصيغة اسم المفعول (فِي بَنِي سَعْدٍ) أي: كان لهذا الابن ظئرٌ تُرضعه من بني سعد (فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ) بهاء مضمومة، فذال معجمة مفتوحة، مصغّرًا، وكان هذا الابن المقتول طفلًا صغيرًا يَحْبُو بين البيوت، فأصابه حجر في حرب كانت بين بني سعد وبني ليث بن بكر، قاله الزبير بن بكار. انتهى (٤).


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ١٨٢.
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ١٨٢.
(٣) "المرعاة" ٩/ ٢٢.
(٤) "شرح النوويّ" ٨/ ١٨٢.