رأينا كثيرًا من الحجاج يقعون في الشرك، وهم في بيت الله الحرام، وفي مسجد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يتركون دعاء الله، والاستغاثة به إلى الاستعانة بالأنبياء وبالصالحين، ويحلفون بهم، ويدعونهم من دون الله - عز وجل -، والله - عز وجل - يقول: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤)} [فاطر: ١٤]، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًّا، وفي هذه كفاية لمن فتح قلبه للهداية؛ إذ ليس الغرض الآن البحث العلمي في هذه المسألة، وإنما هو التذكير فقط.
قال: فليت شعري ماذا يستفيد هؤلاء من حجهم إلى بيت الله الحرام إذا كانوا يصرّون على مثل هذا الشرك، ويغيّرون اسمه فيسمونه توسلًا وتشفعًا وواسطةً، أليست هذه الواسطة هي التي ادّعاها المشركون من قبل يبررون بها شركهم، وعبادتهم لغيره تبارك وتعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣].
فيا أيها الحاج قبل أن تعزم على الحج يجب عليك وجوبًا عينيًا أن تبادر إلى معرفة التوحيد الخالص، وما ينافيه من الشرك، وذلك بدراسة كتاب الله وسنّة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فإن من تمسك بهما نجا، ومن حاد عنهما ضلّ، والله المستعان.
٣ - (ومنها): التزين بحلق اللحية، وهذه المعصية من أكثر المعاصي شيوعًا بين المسلمين في هذا العصر بسبب استيلاء الكفار على أكثر بلادهم، ونقلهم هذه المعصية إليها، وتقليد المسلمين لهم فيها، مع نهيه - صلى الله عليه وسلم - إياهم عن ذلك صراحة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خالفوا المشركين، احفوا الشوارب، وأوفوا اللحى"، متّفق عليه، وفي حديث آخر:"وخالفوا أهل الكتاب"، وفي هذه القبيحة عدة مخالفات:
الأولى: مخالفة أمره - صلى الله عليه وسلم - الصريح بالإعفاء.
الثانية: التشبه بالكفار.
الثالثة: تغيير خلق الله الذي فيه طاعة الشيطان في قوله - كما حكى الله تعالى ذلك عنه -: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}[النساء: ١١٩].
الرابعة: التشبه بالنساء، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فعل ذلك.