أهل العلم، ولا تغتر بما يزخرف لك من القول بعض من يسمون بـ "المطوفين"، فإنهم لا هَمّ لهم إلا قبض الفلوس، وتقليل العمل الذي أخذوا عليه الأجر كافيًا وافيًا على أدائه بتمامه، وسواء عليهم بعد ذلك أتمّ حجك أم نقص؟ اتبعت سنة نبيك أم خالفت؟
٦ - (ومنها): الحذر من أن تمر بين يدي أحد من المصلين في المسجد الحرام، وفي غيره من المساجد؟ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلم المارّ بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه"، قال الراوي: لا أدري قال: أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة، متّفق عليه.
قال: وكما لا يجوز لك هذا، فلا يجوز لك أيضًا أن تصلي إلى غير سترة، بل عليك أن تصلي إلى أيّ شيء يمنع الناس من المرور بين يديك، فإن أراد أحد أن يجتاز بينك وبين سترتك فعليك أن تمنعه، وفي ذلك أحاديث وآثار أذكر بعضها:
١ - منها: حديث: "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرجل فليصلّ، ولا يبالي من مر من وراء ذلك"، متّفقٌ عليه.
٢ - وحديث:"إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفع في نحره، وليدرأ ما استطاع، فإن أبى فليقاتل، فإنما هو شيطان"، متّفق عليه.
٣ - قال يحيى بن كثير:"رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام، فركز شيئًا أو هيأ شيئًا يصلي إليه"، رواه ابن سعد في "الطبقات"(١٨/ ٧) بسند صحيح.
٤ - عن صالح بن كيسان قال:"رأيت ابن عمر - رضي الله عنهما - يصلي في الكعبة، ولا يَدَع أحدًا يمر بين يديه"، رواه أبو زرعة الرازيّ في "تاريخ دمشق"(٩١/ ١)(٢)، وكذا ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(٨/ ١٠٦/ ٢) بسند صحيح.
قال: ففي الحديث الأول إيجاب اتخاذ السترة، وأنه إذا فعل ذلك فلا يضره من مر وراءها.
وفي الحديث الثاني: إيجاب دفع المارّ بين يدي المصلي إذا كان يصلي إلى السترة، وتحريم المرور عمدًا، وأن فاعل ذلك شيطان.