للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وليت شعري ما هو الكسب الذي يعود به الحاج إذا رجع، وقد استحقّ هذا الاسم (الشيطان)؟

والحديثان، وما في معناهما مطلقان، لا يختصان بمسجد دون مسجد، ولا بمكان دون مكان، فهما يشملان المسجد الحرام، والمسجد النبويّ من باب أولى؛ لأن هذه الأحاديث إنما قالها - صلى الله عليه وسلم - في مسجده، فهو المراد بها أصالةً، والمساجد الأخرى تبعًا.

والأثران المذكوران نصّان صريحان على أن المسجد الحرام داخل في تلك الأحاديث، فما يقال من بعض المطوفين وغيرهم: إن المسجد المكيّ والمسجد النبويّ مستثنيان من النهي لا أصل له في السنة، ولا عن أحد من الصحابة، اللهم سوى حديث واحد، رُوي في المسجد المكيّ لا يصح إسناده، ولا دلالة فيه على الدعوى، كما سيأتي بيانه في بيان بدع الحج - إن شاء الله تعالى.

٧ - (ومنها): أن على أهل العلم والفضل أن يغتنموا فرصة التقائهم بالحجاج في المسجد الحرام وغيره من المواطن المقدسة، فيعلّموهم ما يلزم من مناسك الحج، وأحكامه على وفق الكتاب والسنّة، وأن لا يشغلهم ذلك عن الدعوة إلى أصل الإسلام الذي من أجله بعثت الرسل، وأنزلت الكتب، ألا وهو التوحيد، فإن أكثر من لقيناهم حتى ممن ينتمي إلى العلم وجدناهم في جهل بالغ بحقيقة التوحيد، وما ينافيه من الشركيات والوثنيات، كما أنهم في غفلة تامة عن ضرورة رجوع المسلمين على اختلاف مذاهبهم، وكثرة أحزابهم إلى العمل الثابت في الكتاب والسنة في العقائد والأحكام والمعاملات والأخلاق والسياسة والاقتصاد وغير ذلك من شؤون الحياة، وأن أيّ صوت يرتفع، وأيّ إصلاح يُزْعَم على غير هذا الأصل القويم، والصراط المستقيم، فسوف لا يجني المسلمون منه إلا ذُلًّا وضُعفًا، والواقع أكبر شاهد على ذلك، والله المستعان.

وقد تتطلب الدعوة إلى ما سبق شيئًا قليلًا أو كثيرًا من الجدال بالتي هي أحسن، كما قال الله - عز وجل -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥]، فلا يصدنّك عن ذلك معارضة الجهلة