وَزُرْنَا مَزَارَاتِ الْبَقِيعِ فَلَيْتَنَا … هُنَاكَ دُفِنَّا وَالْمَمَاتَ رُزِقْنَاهُ
وَحَمْزَةَ زُرْنَاهُ وَمَنْ كَانَ حَوْلَهُ … شَهِيدًا وَاحْدًا بِالْعُيُونِ شَهِدْنَاهُ
وَلَمَّا بَلَغْنَا مِنْ زِيَارَةِ أَحْمَدٍ … مُنَانَا حَمِدْنَا رَبَّنَا وَشَكَرْنَاهُ
وَمِنْ بَعْدِ هَذَا صَاحَ بِالْبَيْنِ صَائِحٌ … وَقَالَ ارْحَلُوا يَا لَيْتَنَا مَا أَطَعْنَاهُ
سَمِعْنَا لَهُ صَوْتًا بِتَشْتِيتِ شَمْلِنَا … فَيَا مَا أَمَرَّ الصَّوْتَ حِينَ سَمِعْنَاهُ
وَقُمْنَا نَؤُمَّ الْمُصْطَفَى لِوَدَاعِهِ … وَلَا دَمْعَ إِلَّا لِلْوَدَاعِ صَبَبْنَاهُ
وَلَا صَبْرَ كَيْفَ الصَّبْرُ عِنْدَ فِرَاقِهِ … وَهَيْهَاتَ إِنَّ الصَّبْرَ عَنْهُ صَرَفْنَاهُ
أَيَصْبِرُ ذُو عَقْلٍ لِفُرْقَةِ أَحْمَدٍ … فَلَا وَالَّذِي مِنْ قَابِ قَوْسَيْنِ أَدْنَاهُ
فَوَا حَسْرَتَاهُ مِنْ وَدَاعِ مُحَمَّدٍ … وَأَوَّاهُ مِنْ يَوْمٍ التَّفَرُّقِ أَوَّاهُ
سَأَبْكِي عَلَيْهِ قَدْرَ جُهْدِي بِنَاظِرٍ … مِنَ الشَّوْقِ مَا تَرْقَى مِنَ الدَّمْعِ غَرْبَاهُ
فَيَا وَقْتَ تَوْدِيعِي لَهُ مَا أَمَرَّهُ … وَوَقْتَ اللِّقَا وَاللهِ مَا كَانَ أَحْلَاهُ
عَسَى اللهُ يُدْنِينِي لأَحْمَدَ ثَانِيًا … فَيَا حَبَّذَا قُرْبُ الْحَبِيبِ وَمُدْنَاهُ
فَيَا رَبِّ فَارْزُقْنِي لِمَغْنَاهُ عَوْدَةً … تُضَاعِفْ لَنَا فَيهِ الثَّوَابَ وَتَرْضَاهُ
رَحَلْنَا وَخَلَّفْنَا لَدَيْهِ قُلُوبَنَا … فَكَمْ جَسَدٍ مِنْ غَيْرِ قَلْبٍ قَلَبْنَاهُ
وَلَمَّا تَرَكْنَا رَبْعَهُ مِنْ وَرَائِنَا … فَلَا نَاظِرٌ إِلَّا إِلَيْهِ رَدَدْنَاهُ
لِنَغْنَمَ مِنْهُ نَظْرَةً بَعْدَ نَظْرَةٍ … فَلَمَّا أَغَبْنَاهُ السُّرُورَ أَغَبْنَاهُ
فَلَا عَيْشَ يَهْنِي مَعْ فِرَاقِ مُحَمَّدٍ … أَاَفْقِدُ مَحْبُوبِي وَعَيْشِي أُهَنَّاهُ
دَعُونِي أَمُتْ شَوْقًا إِلَيْهِ وَحُرْقَةً … وَخُطُّوا عَلَى قَبْرِي بِأنِّيَ أَهْوَاهُ
فَيَا صَاحِبِي هَذِي الَّتِي بِيَ قَدْ جَرَتْ … وَهَذَا الَّذِي فِي حَجِّنَا قَدْ عَمِلْنَاهُ
فَإِنْ كُنْتَ مُشْتَاقًا فَبَادِرْ إِلَى الْحِمَى … لِتَنْظُرَ آثَارَ الْحَبِيب وَمَمْشَاهُ
وَتَحْظَى بِبَيْتِ اللهِ مِنْ قَبْلِ مَنْعِهِ … كَأَنَّا بِهِ عَمَّا قَلِيلٍ مُنِعْنَاهُ
أَلَيْسَ تَرَى الأَشْرَاطَ كَيْفَ تَتَابَعَتْ … فَبَادِرْهُ وَاغْنَمْهُ كَمَا قَدْ غَنِمْنَاهُ
إِلَى عَرَفَاتٍ عَاجِلِ الْعُمْرَ وَاسْتَبِقْ … فَثَمَّ إِلَاهُ الْخَلْقِ يُسْبِغُ نُعْمَاهُ
وَعَيِّدْ مَعَ الْحُجَّاجِ يَا صَاحِ فِي مِنًى … فَعِيدُ مِنًى أَعْلَاهُ عِيدًا وَأَسْنَاهُ
وَضَحِّ بِهَا وَاحْلِقْ وَسِرْ مُتَوَجِّهًا … إِلَى الْبَيْتَ وَاصْنَعْ مِثْلَ مَا قَدْ صَنَعْنَاهُ
وَكُنْ صَابِرًا إِنَّا لَقِينَا مَشَقَّةً … فَإِنْ تَلْقَهَا فَاصْبِرْ كَصَبْرٍ صَبَرْنَاهُ
لَقَدْ بَعُدَتْ تِلْكَ الْمَعَالِمُ وَالرُّبَا … فَكَمْ مِنْ رَوَاحٍ مَعْ غُدُوٍّ غَدَيْنَاهُ