للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد رواه النسائيّ من طريق عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيّب بلفظ: "نهى عثمان عن التمتّع"، وزاد فيه: "فلبّى عليّ، وأصحابه بالعمرة، فلم ينههم عثمان، فقال له عليّ: ألم تسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تمتّع؟، قال: بلى"، وله من وجه آخر: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلبّي بهما جميعًا"، زاد مسلم من طريق عبد الله بن شقيق، عن عثمان، قال: "أجل، ولكنا كنّا خائفين".

(فَقَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ) -رضي الله عنهما- (كَلِمَةً) وفي رواية أحمد: "فقال عثمان لعليّ: إنك كذا وكذا"، وفي رواية النسائيّ، والإسماعيليّ: "فقال عثمان: تراني أنهى الناس، وأنت تفعله؟، فقل: ما كنت أدع".

وقال القرطبيّ رحمه الله قوله: "قال كلمةً": يعني كلمة أغلظ له فيها، ولعلّها التي قال في الرواية الأخرى: "دعنا منك"، فإن فيها غِلَظًا وجفاءً بالنسبة إلى أمثالها، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

(ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ) -رضي الله عنه- (لَقَدْ عَلِمْتَ) بتاء الخطاب، وهو لعثمان -رضي الله عنه- (أَنَّا قَدْ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ) عثمان -رضي الله عنه- (أَجَلْ) كنعم وزنًا ومعنًى (وَلَكِنَّا كُنَّا خَائِفِينَ) زاد أحمد من طريق روح، عن شعبة: قال شعبة: فقلت لقتادة: ما كان خوفهم؟ قال: لا أدري. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: لعله أشار إلى عمرة القضيّة سنة سبع، لكن لم يكن في تلك السنة حقيقة تمتّع، إنما كان عمرة وحدها.

قال الحافظ رحمه الله: هي رواية شاذّة، فقد روى الحديث مروان بن الحكم، وسعيد بن المسيّب، وهما أعلم من عبد الله بن شقيق، فلم يقولا ذلك، والتمتّع إنما كان في حجة الوداع، وقد قال ابن مسعود -كما ثبت عنه في "الصحيحين"-: "كنّا آمن ما يكون الناس".

وقال القرطبيّ: قوله: "كنا خائفين" أي من أن يكون أجر من أفرد أعظم من أجر من تمتّع. كذا قال، وهو جمع حسن، ولكن لا يخفى بُعده.


(١) "المفهم" ٣/ ٣٥١.
(٢) "مسند الإمام أحمد بن حنبل" ١/ ٦١.