شَيءٍ حَرُمَ مِنْهُ) أي بقي على إحرامه لم يحلّ له شيء من محظورات الإحرام (حَتَّى قَضَى حَجَّهُ) أي أدّى أكثر أعمال حجه من الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي جمرة العقبة يوم النحر، وحلقه رأسه (وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأفَاضَ) أي دفع، قال الفيّوميّ: أفاض الناس من عرفات: دفعوا منها، وكلّ دفعة إفاضة، وأفاضوا من منى إلى مكة يوم النحر: رجعوا إليها، ومنه طواف الإفاضة؛ أي طواف الرجوع من منى إلى مكة. انتهى.
(فَطَافَ بِالْبَيْتِ) طواف الإفاضة (ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ) أي مُنع منه، ومنه إتيان الحلائل (وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَنْ أَهْدَى)"مَنْ" اسم موصول في محلّ رفع فاعل "فَعَلَ" مؤخّر، و"مثلَ" مفعول مقدّم؛ أي فعل الذين ساقوا الهدي من الصحابة -رضي الله عنهم- مثل فعله -صلى الله عليه وسلم- (وَسَاقَ الْهَدْيَ) عطف تفسير لـ "أهدى"(مِنَ النَّاسِ) بيان لمن أهدى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٢/ ٢٩٨٣ و ٢٩٨٤](١٢٢٧)، و (البخاريّ) في "الوضوء"(١٦٦) و"الصلاة"(٣٩٦ و ٤٩٢) و"الحج"(١٦٩١)، و (أبو داود) في "المناسك"(١٨٠٥)، و (النسائيّ) في "المناسك"(٥/ ١٥١) و"الكبرى"(٢/ ٣٤٧)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ١٣٩)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٢/ ٢٩٩ و ٣٢٣)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٣/ ٣٢٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" ٥/ ١٧)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان مشروعية التمتع، وقد تقدّم أن التمتع يطلق على القران، وحديث الباب يكون دليلًا على التمتعين، فبالنسبة للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة الذين ساقوا الهدي معه فهو قران، وبالنسبة للذين لم يسوقوا الهدي، فتمتّع بالمعنى المعروف عند الفقهاء.