حكى عن جماعة أنه يقال: حصر، وأحصر بمعنى واحد في المرض، والعدوّ جميعًا، قال: واحتجّ من قال هذا من الفقهاء بقول الله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}، وإنما أنزلت في الحديبية. انتهى.
وقال الشافعيّ رحمه الله: لم أسمع ممن حُفظ عنه من أهل العلم بالتفسير مخالفًا في أن هذه الآية نزلت بالحديبية حين أُحصر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فحال المشركون بينه وبين البيت.
وفي البخاريّ عن عطاء: الإحصار من كلّ شيء بحسبه، وممن ذهب إلى التعميم ابن حزم الظاهريّ. انتهى كلام وليّ الدين رحمه الله.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي قول من عمّم، كما هو مذهب الحنفية، والبخاريّ، والنسائيّ، وابن حزم، قال رحمه الله في كتابه "المُحَلَّى":
وأما الإحصار، فإن كل من عرض له ما يمنعه من إتمام حجه، أو عمرته، قارنًا كان، أو متمتعًا، من عدوّ، أو مرض، أو كسر، أو خطأ طريق، أو خطأ في رؤية الهلال، أو سَجْن، أو أيّ شيء كان فهو محصر، فإن كان اشترط عند إحرامه كما قدمنا أن محله حيث حبسه الله، فليحلّ من إحرامه، ولا شيء عليه، سواء شرع في عمل الحج، أو العمرة، أو لم يشرع بعدُ، قريبًا كان، أو بعيدًا، مضى له أكثر فرضهما، أو أقله، كلّ ذلك سواء، ولا هدي في ذلك، ولا غيره، ولا قضاء عليه في شيء من ذلك، إلا أن يكون لم يحجّ قطّ، ولا اعتمر، فعليه أن يحجّ، ويعتمر، ولا بدّ، فإن كان لم يشترط كما ذكرنا، فإنه يحلّ أيضًا، كما ذكرنا سواء سواء، ولا فرق، وعليه هدي، ولا بدّ، كما قلنا في هدي المتعة سواء سواء، إلا أنه لا يعوّض من هذا الهدي صوم، ولا غيره، فمن لم يجده فهو دَين حتى يجده، ولا قضاء عليه، إلا إن كان لم يحج قط، ولا اعتمر، فعليه أن يحج، ويعتمر. قال: قول الله تعالى هو الحجة في اللغة، والشريعة، قال تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦] وإنما نزلت هذه الآية في أمر الحديبية؛ إذ منع الكفّار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إتمام عمرته، وسمى الله تعالى منع العدوّ إحصارًا، وكذلك قال البراء، وابن عمر، وإبراهيم النخعيّ، وهو في اللغة فوق أبي عبيدة، وأبي عبيد، والكسائيّ، وقال