(فَلَمَّا قَدِمْنَا) بكسر الدال (مَكَّةَ، أَمَرَنَا) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَنْ نَجْعَلَهَا) أي الحجة التي كانوا صرخوا بها من الميقات (عُمْرَةً) يعني أنهم يتحلّلون بأفعال العمرة، من الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق، أو التقصير (إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ) أي فإنه لا يجوز أن يتحلّل حتى يبلغ الهدي محلّه، كما أمر الله تعالى بذلك، حيث قال:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}، وهو أن يُنحر يوم النحر في مني، أو غيره، من فجاج مكة (فَلَمَّا كانَ يَوْمُ الترْوِيَةِ)"كان" هنا تامّة، ولذا اكتفت بمرفوعها، وهو "يوم"؛ أي فلما جاء يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، وقد تقدّم سبب تسميته، فلا تنس. (وَرُحْنَا) بضمّ الراء، من باب قال، رَواحًا: المراد: أردنا الذهاب، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: رَاحَ يَرُوحُ رَوَاحًا، وتَرَوَّحَ مثله، يكون بمعنى الغُدُوّ، وبمعنى الرجوع، وقد طابق بينهما في قوله تعالى:{غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}؛ أي ذهابها، ورجوعها، وقد يَتَوَهَّم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلَّا في آخر النهار، وليس كذلك، بل الرواح، والغُدُوّ عند العرب يستعملان في المسير؛ أي وقت كان، من ليل أو نهار، قاله الأزهريّ وغيره. انتهى (١).
وقوله:(إِلَى مِنًى) متعلّق ب "رُحْنا"(أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ) أي رفعنا أصواتنا بتلبية الحجِّ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣١/ ٣٠٢٤](١٢٤٧)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٥ و ٧١ و ٧٥)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٢/ ٤٣٣)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٣/ ٣٤٥ - ٣٤٦)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط"(٣/ ٣٥٤)، و (ابن