وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن سالم، عن أبيه قال: لقد قُتِل عثمان، وما أحد يسبّحها، وما أحدث الناس شيئًا أحبّ إليّ منها.
وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، عن الشعبيّ، عن ابن عمر قال: ما صليت الضحى منذ أسلمت، إلَّا أن أطوف بالبيت؛ أي: فأصلي في ذلك الوقت، لا على نية صلاة الضحي، بل على نية الطواف، وَيحْتَمِل أنه كان ينويهما معًا.
وقد جاء عن ابن عمر أنه كان يَفْعَل ذلك في وقت خاصّ، فجاء من طريق نافع، أن ابن عمر كان لا يصلي الضحى إلَّا يوم يَقْدَم مكة، فإنه كان يَقْدَمها ضحي، فيطوف بالبيت، ثم يصلي ركعتين، ويوم يأتي مسجد قباء.
ورَوَى ابن خزيمة من وجه آخر، عن نافع، عن ابن عمر: كان النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يصلي الضحي، إلَّا أن يَقْدَم من غيبة.
وقال سعيد بن منصور: حدّثنا ابن عيينة، عن عبد الله بن دينار: أن ابن عمر كان لا يصلي الضحي، إلَّا أن يأتي قباء.
وهذا يَحْتَمل أيضًا أن يريد به صلاة تحية المسجد في وقت الضحي، لا صلاة الضحي، وَيحْتَمل أن يكون ينويهما معًا، كما قلناه في الطواف.
وفي الجملة ليس في أحاديث ابن عمر هذه ما يدفع مشروعية صلاة الضحى؛ لأن نفيه محمول على عدم رؤيته، لا على عدم الوقوع في نفس الأمر، أو الذي نفاه صفة مخصوصةٌ، قال عياض وغيره: إنما أنكر ابن عمر ملازمتها، وإظهارها في المساجد، وصلاتها جماعة؛ لأنَّها مخالفة للسنة، ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه رأى قومًا يصلونها، فأنكر عليهم، وقال: إن كان ولا بُدّ ففي بيوتكم. انتهى ما في "الفتح"(١)، وهو بحث مفيدٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.
وقوله:(فَقَالَ: أَرْبَعَ عُمَرٍ) بنصب "أربع" بتقدير: "اعتَمَر"، ويجوز رفعه على تقدير: هي أربع عمر.
ووقع في رواية للبخاريّ بلفظ:"قال: أربع"، قال في "الفتح": كذا