للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيترجّح الاحتمال الأول على هذا. انتهى (١).

(وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ) أي عصيانهما، وترك الإحسان إليهما، وأصل الْعَقّ: الشقّ، يقال: عقّ ثوبه، كما يقال: شقّه بمعناه، ومنه يقال: عقّ الولد أباه عُقُوقًا، من باب قَعَدَ: إذا عصاه، وترك الإحسان إليه، فهو عاقّ، والجمع عَقَقَةٌ، قاله في "المصباح" (٢).

وقال في "المفهم": "عقوق الوالدين": عصيانهما، وقطع البرّ الواجب عنهما، وأصل العَقّ: الشقّ والقطع، ومنه قيل للذبيحة عن المولود: عقيقةً؛ لأنه يُشَقّ حُلقُومها، قاله الهرويّ وغيره (٣).

وقال في "الفتح": "الْعُقُوق" بضمّ العين المهملة: مشتقّ من العقّ، وهو القطع، والمراد به صدور ما يتأذّى به الوالد من ولده، من قول أو فعل إلَّا في شرك، أو معصية ما لَمْ يتعنّت الوالد، وضبطه ابن عطيّة بوجوب طاعتهما في المباحات فعلًا وتركًا، واستحبابها في المندوبات، وفروض الكفاية كذلك، ومنه تقديمهما عند تعارض الأمرين، وهو كمن دَعَته أمه ليمرّضها مثلًا، حيث يفوت عليه فعل واجب إن استمرّ عندها، ويفوت ما قصدته من تأنيسه لها، وغير ذلك لو تركها وفعله، وكان مما يمكن تداركه مع فوات الفضيلة، كالصلاة أول الوقت، أو في الجماعة. انتهى (٤).

وقال النوويّ في "شرحه": أما عقوق الوالدين، فهو مأخوذ من الْعَقّ، وهو القطع، وذَكَرَ الأزهريّ أنه يقال: عَقَّ والده يَعُقُّه - بضم العين - عَقًّا وعُقُوقًا: إذا قطعه، ولم يَصِلْ رحمه، وجمع العاقّ: عَقَقَةٌ - بفتح الحروف كلها - وعُقُقٌ - بضم العين والقاف -، وقال صاحب "المحكم": رجلٌ عاقٌّ، وعَقَّ بالفتح، وعَقَقٌ محرّكة، وعُقُقٌ بضمّتين، وجمع الأولى عَقَقَةٌ مُحرَّكةً، وكلها بمعنى واحد، وهو الذي شَقَّ عصا الطاعة لوالده، هذا قول أهل اللغة.

وأما حقيقة العقوق المحرَّم شرعًا، فقَلَّ مَن ضبطه، وقد قال الشيخ الإمام أبو محمد بن عبد السلام رحمه الله تعالى: لَمْ أقف في عقوق الوالدين، وفيما


(١) المصدر السابق.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٢.
(٣) "المفهم" ١/ ٢٨٢.
(٤) "الفتح" ١٠/ ٤١٩ - ٤٢٠.