للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يختصان به من الحقوق على ضابط أَعْتمده، فإنه لا يجب طاعتهما في كلّ ما يأمران به، وينهيان عنه باتفاق العلماء، وقد حُرِمَ على الولد الجهاد بغير إذنهما؛ لما يَشُقّ عليهما مِن توقُّع قتله، أو قطع عضو من أعضائه، ولشدة تفجعهما على ذلك، وقد أُلْحِق بذلك كلُّ سفر يخافان فيه على نفسه، أو عضو من أعضائه. انتهى كلام الشيخ أبي محمد.

وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى في "فتاويه": العُقُوق المحرَّم كلُّ فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيًا، ليس بالْهَيِّن، مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، قال: وربما قيل: طاعةُ الوالدين واجبة في كلّ ما ليس بمعصية، ومخالفة أمرهما في ذلك عقوقٌ، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات، قال: وليس قولُ مَن قال من علمائنا: يجوز له السفر في طلب العلم، وفي التجارة بغير إذنهما، مُخالِفًا لما ذكرته، فإن هذا كلام مطلق، وفيما ذكرته بيان لتقييد ذلك المطلق، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ بزيادة في الضبط (١).

(وَشَهَادَةُ الزُّورِ) أي الشهادة بالكذب والباطل، وإنما كانت من أكبر الكبائر؛ لأنَّها يُتوصَّل بها إلى إتلاف النفوس والأموال، وتحليل ما حرّم الله، وتحريم ما حلّل الله، فلا شيء من الكبائر أعظم ضررًا، ولا أكثر فسادًا منها بعد الشرك (٢).

(أَوْ قَوْلُ الزُّورِ) هكذا في رواية ابن عليّة عن الجريريّ بـ "أو"، وفي رواية خالد، عنه: "إلا وقول الزور، وشهادة الزور" بالواو، قال الشيخ ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: يحتمل أن يكون من باب ذكر الخاصّ بعد العامّ؛ لأن كلَّ شهادة زور قول زور، بخلاف عكسه.

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: أما الزور، فقال الثعلبيّ المفسر، وأبو إسحاق وغيره: أصله تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى يُخَيَّل إلى


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٨٧ بزيادة من "القاموس" في ألفاظ العقوق.
(٢) "المفهم" ١/ ٢٨٢.