للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وزعم بعضهم أن المراد بشهادة الزور في هذا الحديث الكفر، فإن الكافر شاهد بالزور، وهو ضعيف، وقيل: المراد مَن يستحل شهادة الزور، وهو بعيد. انتهى (١).

(وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَّكِئًا، فَجَلَسَ) جلوسه - صلى الله عليه وسلم - بعد أن كان متْكئًا يُشعر بأنه اهتمّ بهذا الأمر، وهو يفيد تأكيد تحريمه، وعِظَم قبحه، وسببُ الاهتمام بذلك كون قول الزور، أو شهادة الزور أسهل وقوعًا على الناس، والتهاون بها أكثر، فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم، والعُقُوق يَصرف عنه الطبع، وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة، كالعداوة، والحسد، وغيرهما، فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه، وليس ذلك لعظمها بالنسبة إلى ما ذُكِر معها من الإشراك قطعًا، بل لكون مفسدة الزور متعدّية إلى غير الشاهد، بخلاف الشرك، فإن مفسدته قاصرة غالبًا (٢).

(فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا) أي يكرّر جملة "شهادة الزور"، أو قول الزور، ولفظ البخاريّ في "كتاب الأدب": "فقال: إلا وقول الزور، وشهادة الزور، إلا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يقولها، حتى قلت: لا يسكت"، (حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ) إنما قالوه، وتَمَنَّوه شفقةً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكراهةً لما يُزْعِجُهُ، ويُغْضِبُهُ، وفيه ما كانوا عليه من كثرة الأدب معه - صلى الله عليه وسلم -، والمحبّة له، والشفقة عليه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي بكر - رضي الله عنه - هذا متَّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان" [٤٠/ ٢٦٦] (٨٧)، و (البخاريّ) في "الشهادات" (٢٦٥٤)، و"الأدب" (٥٩٧٦)، و"الاستئذان" (٦٢٧٣ و ٦٢٧٤)،


(١) راجع: "الفتح" ١٠/ ٤٢٥ - ٤٢٦ "كتاب الأدب" رقم الحديث (٥٩٧٧).
(٢) "الفتح" ٥/ ٣١١.