للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البحر، من العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَن ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- أنه (قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ، وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ) بتخفيف الهاء، وتشديدها، ويقال: أوهن بالهمز: أي أضعفهتم، قال الفراء وغيره: يقال: وَهَنته الحمى وغيرها، وأوهنته لغتان (حُمَّى يَثْرِبَ) "حُمّى" فُعلَى غير منصرف لألف التأنيث، والجمعُ حُمّيات، وأحمّه الله بالألف من الْحُمّى، فحُمّ هو بالبناء للمفعول، وهو محمومٌ، قاله الفيّوميّ رحمهُ اللهُ (١).

و"يَثْرِب" -بفتح الياء التحتيّة، وسكون الثاء المثلّثة، وكسر الراء، آخره باء موحّدة- غير منصرف: اسم مدينة النبيّ -صلى الله عليه وسلم - في الجاهليّة، نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن تسميتها بذلك، وإنما ذكر ابن عباس ذلك حكاية لكلام المشركين (٢).

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: وأما "يثرِب" فهو الاسم الذي كان للمدينة في الجاهلية، وسُمِّيت في الإسلام المدينة، فطيبة، فطابة، قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ}، {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ}، {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ}، وسيأتي بسط ذلك في آخر "كتاب الحج" حيث ذكر مسلم أحاديث المدينة، وتسميتها -إن شاء الله تعالى- انتهى (٣).

(قَالَ الْمُشْرِكونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ) بفتح أوله، وثالثه، كما تقدّم قريبًا (عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ، قَدْ وَهَنَتْهُمُ الْحُمَّى، وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً) وفي رواية النسائيّ: "شرًّا" بدل "شدّة" (فَجَلَسُوا) أي المشركون (مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ) "من" بمعنى "في"؛ أي في الجهة التي تلي الحِجر، وهو بكسر الحاء المهملة، وسكون الجيم: حَطِيم مكة، وهو الْمُدار بالبيت من جهة الميزاب (٤).

وفي رواية النسائيّ: (وَكَانَ الْمُشْرِكونَ مِنْ نَاحِيَةِ الْحِجْرِ)، وفي رواية للبخاريّ: "لما قَدِم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لعامه الذي استَأمن، قال: ارمُلوا؛ ليرى المشركون قوّتكم، والمشركون من قبل قُعَيقعان"، والمراد أن من كان هناك،


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٥٣.
(٢) "الفتح" ٩/ ٣٦٦، كتاب المغازي، رقم (٤٢٥٦).
(٣) " شرح النوويّ" ٩/ ١٢.
(٤) "المصباح" ١/ ١٢٢.