للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُشرف على الركنين الشاميين، ومن كان به لا يرى من بين الركنين اليمانيين.

(وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-) وفي رواية النسائيّ: "فأطلع الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، فأمر أصحابه" (أَنْ يَرْمُلُوا) بضم الميم، من باب نصر، وهو في موضع المفعول الثاني لـ"أمرهم"، يقال: أمرته كذا، وأمرته بكذا؛ يعني أمرهم بأن يُسْرِعوا ما بين الركنين: الشاميّ والعراقيّ (ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ) -بفتح الهمزة، بعدها معجمة، جمع شوط، بفتح، فسكون: وهو الجري مرّة إلى الغاية، والمراد به هنا الطوفة حول الكعبة.

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: هذا تصريح بجواز تسمية الرمل شَوْطًا، وقد نَقَل أصحابنا أن مجاهدًا، والشافعيّ كَرِها تسميته شوطًا، أو دَوْرًا، بل يسمى طَوْفةً، وهذا الحديث ظاهر في أنه لا كراهة في تسميته شوطًا، فالصحيح أنه لا كراهة فيه. انتهى (١).

(وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ) أي اليمانين، وعند أبي داود من وجه آخر: "وكانوا إذا تَوَارَوْا عن قريش بين الركنين مشَوْا، وإذا طلعوا عليهم رَمَلُوا".

(لِيَرَى) بالبناء للفاعل، من الرؤية، وهو الإبصار، وقوله: (الْمُشْرِكُونَ) مرفوع على الفاعليّة (جَلَدَهُمْ) -بفتحتين- أي: قوّتهم، منصوب على المفعوليّة، وفي بعض النسخ: "لِيُري المشركين"، بضمّ حرف المضارعة، من الإراءة، وعليه فـ "المشركين" منصوب على أنه المفعول الأول، و"جلَدهم" هو المفعول الثاني (فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ) لما رأوا رَمَل الصحابة -رضي الله عنهم- (هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ)؛ أي: أضعفتهم (هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا) "أجلد" اسم تفضيل من الْجَلَد، وهو القوّة؛ أي أقوى، قال الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام: فكان ذلك ضربًا من الجهاد، قال: وعلّته في حقّنا تذكّر نعمة الله تعالى على نبيّه -صلى الله عليه وسلم- بالعزّة بعد الذلّة، وبالقوّة بعد الضعف، حتى بلغ عسكره -صلى الله عليه وسلم- سبعين ألفًا. انتهى.

(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (وَلَمْ يَمْنَعْهُ)؛ أي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا، إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ) -بكسر الهمزة، وبالموحّدة، والقاف-: أي


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١٢، ١٣.