الرفق بهم، والشفقة عليهم، والمعنى أنه لم يمنعه -صلى الله عليه وسلم- أن يأمرهم بالرمل في جميع الطوفات إلَّا الرفق بهم، فـ "الإبقاء" بالرفع على أنه فاعل "لم يمنعه"، ويجوز النصب (١)، قاله في "الفتح".
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: روايتنا "الإبقاءُ" بالرفع على أنه فاعل "يمنعه"، ويجوز نصبه على أن يكون مفعولًا من أجله، ويكون في "يمنعه" ضمير عائد على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، هو فاعله، فتأمله. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: ضمير عائد على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- … إلخ لا يخفى فساد هذا، فليس هنا ضمير يكون فاعلًا عائدًا عليه -صلى الله عليه وسلم-، بل الضمير البارز المفعول هو العائد على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وكذا قول العينىّ بعد أن اعترض هذا الوجه أن الفاعل هو قوله:"أن يأمرهم" باطل أيضًا.
وعندي أن في صحة النصب في "الإبقاء" نظر، والظاهر أنه لا يصحّ؛ لأن القرطبيّ قال: روايتنا بالرفع، فإذا لم يصحّ رواية، فلا وجه لهذه التكلفات العاطلة، بل الباطلة، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.
وفي رواية عطاء التالية عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: إنما سعى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورمل بالبيت ليري المشركين قوّته، ولفظ البخاريّ:"إنما سعى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالبيت، وبين الصفا والمروة؛ لِيُرِي المشركين قوّته"، وفيه بيان أن علة السعي بين الصفا والمروة هي علة الرمل في الطواف بالبيت.
وروى ابن خزيمة، والفاكهيّ من طريق أبي الطفيل، قال: سألت ابن عباس عن السعي؟ فقال:"لَمّا بعث الله جبريل إلى إبراهيم عليه السَّلام ليريه المناسك، عرض له الشيطان بين الصفا والمروة، فأمر الله أن يُجيز الوادي، قال ابن عباس: فكانت سنة".
وفي "كتاب الأنبياء" من "صحيح البخاري" أن ابتداء ذلك كان من هاجر، وروى الفاكهيّ بإسناد حسن عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال:"هذا ما أَوْرَثَتكموه أم إسماعيل".
ولا تخالف بين هذه الروايات؛ إذ يمكن أن تكون هذه الأشياء سببًا