للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النوويّ رحمهُ اللهُ: هذا مذهبنا، ومذهب الجمهور، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وطاوس، والشافعيّ، وأحمد، قال: وبه أقول، قال: وقد روينا فيه عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وانفرد مالك عن العلماء، فقال: السجود عليه بدعة، واعترف القاضي عياض المالكيّ بشذوذ مالك في هذه المسألة عن العلماء.

وأما الركن اليماني، فيستلمه، ولا يُقَبِّله، بل يقبّل اليد بعد استلامه، هذا مذهبنا، وبه قال جابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدريّ، وأبو هريرة، وقال أبو حنيفة: لا يستلمه، وقال مالك، وأحمد: يستلمه، ولا يقبّل اليد بعده، وعن مالك رواية: أنه يقبله، وعن أحمد رواية: أنه يقبله، والله أعلم. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: الثابت عنه -صلى الله عليه وسلم- في الركن اليماني استلامه فقط، وأما تقبيله، أو تقبيل اليد بعده فمما لا دليل عليه، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

٢ - (ومنها): أن في قول عمر -رضي الله عنه- هذا التسليمَ للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يُكشَف عن معانيها، وهي قاعدة عظيمة في اتباع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فيما يفعله، ولو لم تُعلم الحكمة فيه.

٣ - (ومنها): أن فيه دفع ما وقع لبعض الجهال من أن في الحجر الأسود خاصّة ترجع إلى ذاته.

قال النوويّ رحمه اللهُ: وأما قول عمر -رضي الله عنه- هذا فأراد به بيان الحثّ على الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تقبيله، ونَبَّهَ على أنه لولا الاقتداء به -صلى الله عليه وسلم- لما فعله. انتهى.

٤ - (ومنها): أن فيه بيانَ السنن بالقول والفعل.

٥ - (ومنها): أن على الإمام إذا خَشِي على أحد من فعله فساد اعتقاده أن يبادر إلى بيان الأمر، ويوضّح ذلك.

٦ - (ومنها): بيان أنه لا يُشرع تقبيل ما لم يَرِد الشرع بتقبيله، وأما قول الشافعيّ: ومهما قبّل من البيت، فحسن، فلم يُرد به الاستحباب؛ لأن المباح من جملة الحسن عند الأصوليين، قاله في "الفتح".

قال الجامع عفا الله عنه: تأويل ما نُقل عن الشافعيّ رحمه اللهُ بما قاله في "الفتح" غير مقبول، بل يُعتذر له بأنه رأي رآه كما رأى بعض الصحابة من أنه