للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلاة الظهر، وظَنّ أنه لا يجوز فعلها عند غروب الشمس، فسأل عن ذلك، فيقال في جوابه: لا جناح عليك إن صليتها في هذا الوقت، فيكون جوابًا صحيحًا، ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: وقولها: "لو كانت كما تقول؛ لكان: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما"؛ هذا يدلّ على أن الذي روي: أنه في مصحف أُبيّ: "ألا يطوف بهما" بإثبات "ألا" ليس بصحيح؛ إذ لو كان كذلك لكانت عائشة لَأعرف الناس به، ولَمَا خفي عليها، ولا على غيرها ممَّن له عناية بالقرآن. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": وحاصل جواب عائشة -رضي الله عنها- أن الآية ساكتة عن الوجوب وعدمه، مصرّحة برفع الإثم عن الفاعل، وأما المباح فيحتاج إلى رفع الإثم عن التارك، والحكمة في التعبير بذلك مطابقة جواب السائلين؛ لأنهم توهّموا من كونهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية أنه لا يستمرّ في الإسلام، فخرج الجواب مطابقًا لسؤالهم، وأما الوجوب فيستفاد من دليل آخر، ولا مانع أن يكون الفعل واجبًا، ويعتقد إنسان امتناع إيقاعه على صفة مخصوصة، فيقال له: لا جناح عليك في ذلك، ولا يستلزم ذلك نفي الوجوب، ولا يلزم من نفي الإثم عن الفاعل نفي الإثم عن التارك، فلو كان المراد مطلق الإباحة لنفى الإثم عن التارك.

وقد وقع في بعض الشواذّ باللفظ الذي قالت عائشة أنها لو كانت للإباحة لكانت كذلك، حكاه الطبريّ، وابن أبي داود في "المصاحف"، وابن المنذر، وغيرهم عن أبيّ بن كعب، وابن مسعود، وابن عباس.

وأجاب الطبريّ بأنها محمولة على القراءة المشهورة.

وقال الطحاويّ أيضًا: لا حجة لمن قال: إن السعي مستحبّ بقوله: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} [البقرة: ١٥٨]؛ لأنه راجع إلى أصل الحج والعمرة، لا إلى خصوص السعي؛ لإجماع المسلمين على أن التطوّع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ٢١.
(٢) "المفهم" ٣/ ٣٨٥.
(٣) "الفتح" ٤/ ٥٧٨، ٥٧٩.