للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للأمن من تشويشهم بها، وفيه إشعار بأنه خَفَّف القراءة في الصلاتين، وفيه أنه لا بأس بالعمل اليسير بين الصلاتين اللتين يُجْمَع بينهما، ولا يَقطع ذلك الجمع، أفاده في "الفتح" (١).

(ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أي ركب خلف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشميّ، ابن عمّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأكبر أولاد العبّاس، استُشهِد في خلافة عمر - رضي الله عنه -، تقدّمت ترجمته في "الصيام" ١٣/ ٢٥٨٩.

ووقع في رواية إبراهيم بن عقبة الآتية: "قال كريب: فقلت لأسامة: كيف فعلتم حين أصبحتم؟ قال: رَدِفَه الفضلُ بنُ العباس، وانطلقت أنا في سُبّاق قريش على رجليّ، يعني إلى منى". واستُدِلّ بالحديث على جمع التأخير، وهو إجماع بمزدلفة، لكنه عند الشافعية، وطائفة بسبب السفر، وعند الحنفية، والمالكية بسبب النسك، قاله في "الفتح".

قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم ترجيح القول بأنه للنسك، فلا تغفل، والله تعالى أعلم. وقوله: (غَدَاةَ جَمْعِ) منصوب على الظرفيّة، متعلّق بـ "رَدِفَ"، و"جمع" بفتح الجيم، وسكون الَميم: هو المزدلفة؛ سُمّيت بذلك، إما لأن الناس يجتمعون بها، أو لأن آدم؛ اجتمع بحوّاء هناك (٢).

وقوله: (قَالَ كُرَيْبٌ) موصول بالإسناد السابق، وليس معلّقًا، فتنبّه (فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسِ) - رضي الله عنهما - (عَن الْفَضْلِ) أي عن أخيه الفضل بن عبّاس - رضي الله عنهما - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الْجَمْرَةَ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه دليل على أنه يستديم التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة غداة يوم النحر، وهذا مذهب الشافعيّ، وسفيان الثوريّ، وأبي حنيفة، وأبي ثور، وجماهير العلماء، من الصحابة، والتابعين، وفقهاء الأمصار، ومن بعدهم، وقال الحسن البصريّ: يلبي حتى يصلي الصبح يوم عرفة، ثم يقطع، وحُكِي عن عليّ، وابن عمر، وعائشة، ومالك، وجمهور فقهاء المدينة، أنه يلبي حتى


(١) "الفتح" ٤/ ٦١٣، ٦١٤.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ١/ ١٠٨.