للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]، وتقدّم حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - المتّفق عليه، قال: قلت: يا رسول الله أيّ الذنب أعظم؟، قال: "أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك … " الحديث، وفيه: وأنزل الله تصديق قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: ٦٨].

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: وأما قبح الكفر، وكونه من أكبر الكبائر، فكان معروفًا عندهم، ولا يتشكّك في ذلك أحدٌ من أهل القبلة. انتهى (١).

(وَالسِّحْرُ) - بكسر السين، وسكون الحاء المهملتين -، قال ابن فارس: هو إخراج الباطل في صورة الحقّ، ويقال: هو الخديعة، وسَحَرَهُ بكلامه: استماله بِرِقَّته، وحسن تركيبه، قال الإمام فخر الدين في "التفسير": ولفظ "السحر" في عرف الشرع: مختص بكلِّ أمر يَخْفَى سببه، ويُتَخَيَّلُ على غير حقيقته، ويَجْرِي مَجْرَى التمويه والخِدَاع، قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: ٦٦]، وإذا أُطلِق ذُمَّ فاعلُهُ، وقد يُسْتَعمَلُ مُقَيَّدًا فيما يُمْدَح ويُحْمَد، نحو قوله عليه الصلاة والسلام: "إن من البيان لَسِحْرًا": أي إن بعض البيان سِحْرٌ؛ لأن صاحبه يُوَضِّح الشيء المشكل، ويَكْشِف عن حقيقته بحسن بيانه، فيَسْتَمِيل القلوب، كما تُسْتَمالُ بالسحر، وقال بعضهم: لَمّا كان في البيان من إبداع التركيب، وغرابة التأليف ما يَجْذِب السامعَ، ويُخرِجه إلى حَدٍّ يكاد يَشْغَله عن غيره شُبِّه بالسحر الحقيقيّ، وقيل: هو السحر الحلال، ذكره الفيّوميّ (٢).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: وأما عدّه - صلى الله عليه وسلم - السحر من الكبائر، فهو دليل لمذهبنا الصحيح المشهور، ومذهب الجماهير، أن السحر حرام، من الكبائر فعلُه وتعلُّمُهُ وتعليمه، وقال بعض أصحابنا: إنّ تعلمه ليس بحرام، بل يجوز؛ لِيُعْرَفَ، ويُرَدَّ على صاحبه، ويُمَيَّز عن الكرامة للأولياء، وهذا القائل يمكنه أن يَحْمِل الحديث على فعل السحر، والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ (٣).

(وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) أي كأن تَقتُل بريئًا عمدًا، فيُقتَصَّ


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٨٨.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٧ - ٢٦٨.
(٣) "شرح مسلم" ٢/ ٨٨.