للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منها، أو تزَني مُحصَنَةً، فتُرْجَمَ، (وَأكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ) بفتح الياء التحتانيّة، وكسر التاء الفوقانيّة، يقال: يَتُمَ يَيْتُمُ، من بابي تَعِبَ وقَرُبَ، يُتْمًا بضم الياء وفتحها، لكن الْيُتْم في الناس من قِبَل الأب، فيقال: صغير يَتِيمٌ، والجمعُ أَيْتَامٌ، ويَتَامى، وصَغيرة يتيمةٌ، وجمعها يَتَامَى، وفي غير الناس من قِبَل الأمّ، وأيتمت المرأة إيتامًا، فهي موتِمٌ: صار أولادها يَتَامَى، فإن مات الأبوان فالصغير لَطِيمٌ، وإن ماتت أمه فقط، فهو عَجِيٌّ، قاله الفيّوميّ (١).

والمراد إتلاف ماله، وإنما خصّ الأكل؛ لكونه أعظم المقصود من المال، قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)} [النساء: ١٠].

(وَأكْلُ الرِّبَا) المراد كسب الربا، وإنما خصّ الأكل؛ لأنه معظم ما يكتسب له، ويشمل ربا الفضل وربا النسيئة، قال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} الآية [البقرة: ٢٧٥].

(وَالتَّوَلَّي يَوْمَ الزَّحْفِ) أي الفرار من الجهاد، ولقاء العدوّ في الحرب، و"الزَّحْفُ": الجيش يَزْحَفُون إلى العدوّ: أي يمشون، يقال: زَحَفَ إليه يَزْحَفُ زَحْفًا، من باب مَنَعَ: إذا مشى نحوه، أفاده ابن الأثير في "النهاية" (٢).

وقال أبو العباس القرطبيّ رحمه الله تعالى: و"الزحْفُ": القتال، وأصله: المشي المتثاقل، كالصبيّ يَزْحَفُ قبل أن يمشى، والبعير إذا أعيى، فَجَرَّ فِرْسَنَهُ (٣)، وقد سُمّي الجيش بالزحف؛ لأنه يُزْحَف فيه، والتولّي عن القتال إنما يكون كبيرةً إذا فرّ إلى غير فئة، وإذا كان العدوّ ضعفي المسلمين على ما يأتي في "الجهاد" - إن شاء الله تعالى -. انتهى (٤).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: وأما عدّه - صلى الله عليه وسلم - التَّوَلِّي يوم الزحف من الكبائر، فدليل صريح لمذهب العلماء كافة في كونه كبيرةً، إلا ما حُكِيَ عن الحسن البصريّ رحمه الله تعالى أنه قال: ليس هو من الكبائر، قال: والآية


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٧٩.
(٢) "النهاية" ٢/ ٤٤٨.
(٣) أي طرف خفّه.
(٤) "المفهم" ١/ ٢٨٤.