للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المبادرة بصلاتي المغرب والعشاء أوّلَ قدومه المزدلفة، ويجوز تأخيرهما إلى قبيل طلوع الفجر، وفيه أنه لا يضرّ الفصل بين الصلاتين المجموعتين إذا كان الجمع في وقت الثانية؛ لقوله: "ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله"، وأما إذا جمع بينهما في وقت الأولى فلا يجوز الفصل بينهما، فإن فصل بطل الجمع، ولم تصح الصلاة الثانية إلا في وقتها الأصليّ. انتهى (١).

وقوله: (وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) فيه أنه لا يصلي بين المجموعتين شيئًا، قال النوويّ رحمه الله: ومذهبنا استحباب السنن الراتبة، لكن يفعلها بعدهما، لا بينهما، ويفعل سنة الظهر التي قبلها قبل الصلاتين. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: استحباب السنن الراتبة في مثل هذا المكان يحتاج إلى دليل خاصّ، فليُتفطّن، والله تعالى أعلم.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد أوردت تمام شرحه، وبيان مسائله قبل باب، وأذكر هنا ما لم يذكر هناك من المسائل، فأقول:

مسألتين مما تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في اختلاف أهل العلم في حكم الجمع، والقصر في عرفة، والمزدلفة، ومنى:

(اعلم): أنه لا خلاف بين أهل العلم في مشروعية الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، والمغرب والعشاء بالمزدلفة، وإنما الخلاف، هل هو للنسك، أو لمطلق السفر، أو للسفر الطويل؟، فمن قال: للنسك، وهو الحقّ، قال: يجمع أهل مكة، ومنى، وعرفة، والمزدلفة، ومن قال: لمطلق السفر، قال: يجمعون، سوى أهل المزدلفة، ومن قال: للسفر الطويل، قال: يُتمّ أهل مكة، ومنى، وعرفة، والمزدلفة، وجميع من كان بينه وبينها دون مسافة القصر، ويقصر من طال سفره.

قال ابن قُدامة رحمه الله في "المغني" ما ملخّصه: يجوز الجمع لكلّ من بعرفة من مكيّ وغيره، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الإمام يَجمع بين


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ٣١.