للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَدْ رَابَنِي قَوْلُهَا يَا هَنا … هُ وَيْحَكَ أَلْحَقْتَ شَرًّا بشَرِّ

فقولهم: يا هناه، كقولك: يا رجل، ويا هنتاه، كيا امرأةُ. انتهى (١).

(لَقَدْ غَلَّسْنَا) بتشديد اللام، وهو من التغليس، وهو السير بغَلَس، وهي ظلمة آخر الليل، أي تقدمنا على الوقت المشروع، وفي رواية مالك: "لقد جئنا منى بغلس"، وفي رواية داود العطّار: "لقد ارتحلنا بليل"، وفي رواية أبي داود: "فقلت: إنا رمينا الجمرة بليل، وغلّسنا" (قَالَتْ: كَلَّا) أي انزجر، وارتدع عما قلته، قال ابن هشام الأنصاريّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "كلّا" مركّبة عند ثعلب من كاف التشبيه، و"لا" النافية، قال: وإنما شُدّدت لامها لتقوية المعنى، ولدفع توهّم بقاء معنى الكلمتين، وعند غيره هي بسيطة، وهي عند سيبويه، والخليل، والمبرِّد، والزجّاج، وأكثر البصريين حرفٌ، معناه الرَّدْعُ والزجر، لا معنى لها عندهم إلا ذلك، وعند الكسائيّ ومتابعيه تأتي بمعنى "حقًّا"، وقيل: تكون بمعنى "ألا" الاستفتاحيّة، وقيل: تكون حرف جواب بمنزلة "إِيْ"، و"نعم"، ووردت في القرآن الكريم في ثلاثة وثلاثين موضعً، كلّها في النصف الأخير. انتهى باختصار (٢).

وإلى هذا أشار شيخنا المناسيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "نظمه" حيث قال:

"كَلَّا" مِنَ الْكَافِ وَ"لَا" مُرَكَّبَهْ … فِي قَوْلِ ثَعْلَب وَبِالْعَكْسِ انْتَبَهْ

سِوَاهُ وَهْيَ حَرْفُ رَدْعٍ أَبَدَا … عِنْدَ الْخَلِيلِ وَكَثِيرِ مَنْ هُدَى

لِذَا أَجَازُوا الْوَقْفَ فِي آخِرِهَا … وَالابْتِدَا بِمَا أَتَى بِإِثْرِهَا

وَشُدَّ لَامُهَا لأَجْلِ التَّقْوِيَهْ … مَعْنًى وَدَفْعِ مَا بِهِ أَتَتْ هِيَهْ

وَفِي الثَّلَاثِينَ مَعَ الثَّلَاثَةِ … أَتَى بِهَا كَلَامُ رَبِّ الْعِزَّةِ

وَكُلُّهَا فِي آخِرِ النِّصْفَيْنِ مِنْ … كَلَام رِبِّنَا الْعَزِيزِ يَا فَطِنْ

قَالَ الْكِسَائِيُّ بِمَعْنَى "حَقًّا" … وَكَـ "أَلَا" لِبَعْضِهِمْ جَا نُطْقَا

وَالنَّضْرُ وَالْفَرَّاءُ فِيهَا أَثْبَتَا … مَعْنَى"نَعَمْ" وَ"إِيْ" كَمَا عَنْهُمْ أَتَى (٣)


(١) "المفهم" ٣/ ٣٩٤.
(٢) راجع: "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" ١/ ٣٧٧، ٣٧٨.
(٣) راجع: شرحي "فتح القريب المجيب" لزيادة العلم ١/ ٣٥٣ - ٣٥٧.