للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجماهير العلماء أنه لا يجوز الرمي في الأيام الثلاثة إلا بعد الزوال؛ لهذا الحديث الصحيح، وقال طاوس، وعطاء: يجزئه في الأيام الثلاثة قبل الزوال، وقال أبو حنيفة، واسحاق ابن راهويه: يجوز في اليوم الثالث قبل الزوال.

قال: دليلنا أنه -صلى الله عليه وسلم- رَمَى كما ذكرنا، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لتأخذوا مناسككم". انتهى (١).

ورَوَى الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ- عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: قال: كنا نتحيّن -أي نراقب الوقت- فإذا زالت الشمس رمينا.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه دليل على أن السنة أن يرمي الجمار في غير يوم الأضحى بعد الزوال، وبه قال الجمهور، وخالف فيه عطاء، وطاوس فقالا: يجوز قبل الزوال مطلقًا، ورخّص الحنفية في الرمي في يوم النفر قبل الزوال، وقال إسحاق: إن رمى قبل الزوال أعاد إلا في اليوم الثالث فيجزئه. انتهى.

وقال بعض المحقّقين: لا دليل على ما ذهب إليه عطاء وطاوس، لا من فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولا من قوله، وأما ترخيص الحنفية في الرمي في يوم النفر قبل الزوال، فاستدلوا عليه بأثر ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهو ضعيف، فالمعتمد ما قال به الجمهور. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: أثر ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: ما أخرجه البيهقيّ بسنده، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "إذا انتفح النهار من يوم النفر الآخر، فقد حَلَّ الرمي والصدر"، قال البيهقيّ: طلحة بن عمرو المكي -يعني أحد رواته- ضعيف (٢).

قال ابن الهمام الحنفيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ولا شك أن المعتمد في تعيين الوقت للرمي في الأول من أول النهار، وفيما بعده من بعد الزوال ليس إلا فِعله كذلك، مع أنه غير معقول -أي لا مدخل للعقل فيه- ولا يدخل وقته قبل الوقت الذي فَعله فيه -صلى الله عليه وسلم- كما لا يُفعل في غير ذلك المكان الذي رَمَى فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وإنما رمى -صلى الله عليه وسلم- في الرابع بعد الزوال فلا يُرمى قبله. انتهى (٣).

وقال الشيخ الشنقيطيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "أضواء البيان": اعلم أن التحقيق أنه لا


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ٤٨.
(٢) "سنن البيهقيّ الكبرى" ٥/ ١٥٢.
(٣) راجع: "المرعاة" ٩/ ١٨١.