للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحلق، وإن شاء على التقصير، وتصريح بتفضيل الحلق، وقد أجمع العلماء على أن الحلق أفضل من التقصير، وعلى أن التقصير يجزئ إلا ما حكاه ابن المنذر عن الحسن البصريّ أنه كان يقول: يلزمه الحلق في أول حجة، ولا يجزئه التقصير، وهذا إن صح عنه مردود بالنصوص، وإجماع من قبله. انتهى (١).

٣ - (ومنها): أنه استُدِلّ بقوله: "المحلقين" على مشروعية حلق جميع الرأس؛ لأنه الذي تقتضيه الصيغة؛ إذ لا يقال من حَلَق بعض رأسه: إنه حلقه إلا مجازًا، وقد اختلف العلماء في وجوب حلق جميع الرأس، وسيأتي تحقيق ذلك في المسألة الخامسة -إن شاء الله تعالى-.

٤ - (ومنها): بيان أن التقصير يجزئ عن الحلق، وهو مجمع عليه، إلا ما روي عن الحسن البصريّ أن الحلق يتعيّن في أول حجة، حكاه ابن المنذر بصيغة التمريض، وقد ثبت عن الحسن خلافه، قال ابن أبي شيبة: حدّثنا عبد الأعلى، عن هشام، عن الحسن في الذي لم يحج قطّ، فإن شاء حلق، وإن شاء قصّر، نعم رَوَى ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعيّ قال: إذا حج الرجل أول حجة حلق، فإن حج أخرى: فإن شاء حلق، وإن شاء قصّر، ثم روى عنه أنه قال: كانوا يحبون أن يحلقوا في أول حجة، وأول عمرة. انتهى، وهذا يدل على أن ذلك للاستحباب، لا للزوم، نعم عند المالكية، والحنابلة، أن محل تعيين الحلق والتقصير أن لا يكون المحرم لَبَّد شعره، أو ضَفَّره، أو عَقَصَهُ، وهو قول الثوريّ، والشافعيّ في القديم، والجمهور، وقال في الجديد وفاقًا للحنفية: لا يتعين إلا إن نذره، أو كان شعره خفيفًا لا يمكن تقصيره، أو لم يكن له شعر، فيُمِرَّ الموسى على رأسه.

وأغرب الخطابيّ، فاستدل بهذا الحديث لتعيّن الحلق من لبّد، ولا حجة فيه، قاله في "الفتح" (٢).

٥ - (ومنها): مشروعيّة الدعاء من فَعَل ما شُرع له، وتكرار الدعاء من فَعَل الراجح من الأمرين المخيَّر فيهما، والتنبيه بالتكرار على الرجحان، وطلب


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ٤٩، ٥٠.
(٢) "الفتح" ٤/ ٦٨٢، ٦٨٣.