الدستوائيّ، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم الأنصاريّ، عن أبي سعيد، وزاد فيه أبو داود: أن الصحابة حَلَقُوا يوم الحديبية، إلا عثمان، وأبا قتادة.
وأما حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: فأخرجه ابن ماجه من طريق ابن إسحاق: حدّثني ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، عنه، وهو عند ابن إسحاق في "المغازي" بهذا الإسناد، وأن ذلك كان بالحديبية، وكذلك أخرجه أحمد وغيره من طريقه.
وأما حديث حُبْشيّ بن جُنادة: فأخرجه ابن أبي شيبة، من طريق أبي إسحاق عنه، ولم يعيّن المكان، وأخرجه أحمد من هذا الوجه، وزاد في سياقه عن حُبشيّ، وكان ممن شَهِد حجة الوداع، فذكر هذا الحديث، وهذا يُشعر بأنه كان في حجة الوداع.
وأما قول ابن عبد البر فوَهَمٌ، فقد ورد تعيين الحديبية من حديث جابر، عند أبي قُرَّة في "السنن"، ومن طريق (١) الطبرانيّ في "الأوسط"، ومن حديث المسور بن مخرمة، عند ابن إسحاق في "المغازي"، وورد تعيين حجة الوداع من حديث أبي مريم السَّلُوليّ، عند أحمد، وابن أبي شيبة، ومن حديث أم الحصين عند مسلم، ومن حديث قَارِب بن الأسود الثقفيّ، عند أحمد، وابن أبي شيبة، ومن حديث أم عُمارة عند الحارث، فالأحاديث التي فيها تعيين حجة الوداع أكثر عددًا، وأصح إسنادًا، ولهذا قال النوويّ عقب أحاديث ابن عمر، وأبي هريرة، وأم الحصين: هذه الأحاديث تدلّ على أن هذه الواقعة كانت في حجة الوداع، قال: وهو الصحيح المشهور، وقيل: كان في الحديبية، وجزم بأن ذلك كان في الحديبية إمام الحرمين في "النهاية"، ثم قال النوويّ: لا يبعد أن يكون وقع في الموضعين. انتهى.
وقال عياض: كان في الموضعين، ولذا قال ابن دقيق العيد: إنه الأقرب، وقال الحافظ: بل هو المتعين؛ لتظاهر الروايات بذلك في الموضعين، كما قدمناه، إلا أن السبب في الموضعين مختلف، فالذي في الحديبية كان بسبب توقف من توقف من الصحابة عن الإحلال؛ لِمَا دخل