للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧ - (ومنها): ما قاله وليّ الدين رحمه اللهُ: هذا الذي ذكرناه من استحباب تقليد الهدي إنما رأيت أصحابنا -يعني الشافعية- ذكروه في الهدي المتطوع به، والمنذور.

وقسم المالكية دماء الحجّ إلى هَدْي، ونسك، وقالوا: إن الهدي جزاء الصيد، وما وجب لنقص في حج، أو عمرة، كدم القران، والتمتع، والفساد، والفوات، وغيرها، وقالوا: إن النسك ما وجب لإلقاء التفث، وطلب الرفاهية من المحظور، المنجبر، وجعلوا التقليد من سنة الهدي.

وقال الحنفية: إن التقليد إنما يكون في هدي المتعة، والتطوع، والقران، دون دم الإحصار، والجماع، والجنايات، وفرّقوا بينها، بأن الأول دم نسك، وفي التقليد إظهاره، وتشهيره، فيليق به، والثاني فإن سببه الجناية، والستر أليق بها، قالوا: ودم الإحصار جائز، فألحق بها. وذكر ابن حزم هذا التفصيل عن أبي حنيفة، ثم قال: وقال مالك، والشافعيّ: يقلّد كلّ هدي، ويُشعر، قال: وهذا هو الصواب؛ لعموم فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ونُقِلَ عن أبي حنيفة.

وتعقبه ولي الدين، فقال: وفيما ذكره نظر؛ فإنه لا عموم في فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والهدي الذي ساقه إنما كان متطوعًا به، ولم يكن عن شيء من الدماء الواجبة المذكورة، والدماءُ الواجبة لا تُساق مع الحاجّ من الأول؛ لأنه لا يدري هل يحصل له ما يوجبها، أم لا؟، ولم أر أصحابنا -يعني الشافعية- تعرّضوا لذلك كما تقدم، فينبغي تحقيقه. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أن التقليد والإشعار إنما نقلا في هدي التطوع، والقران، والتمتع، وأما الجنايات، فلم يُنقَلْ فيها ذلك، فما قاله الحنفية أظهر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم تقليد الغنم:

(اعلم): أنهم اختلفوا في استحباب تقليد الغنم، فقال به الشافعيّ، وأحمد، والجمهور، ورواه ابن أبي شيبة عن عائشة، وعن ابن عباس: "لقد رأيت الغنم يؤتى بها مقلّدة"، وعن أبي جعفر: "رأيت الكباش مقلّدة"، وعن عبد الله بن عبيد بن عمير: "إن الشاة كانت تقلّد"، وعن عطاء: "رأيت أناسًا من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يسوقون الغنم مقلّدة". وحكاه ابن المنذر عن إسحاق،