"انْحَرْهَا) أي البُدن التي أُبدعت، وفي حديث ذؤيب أبي قبيصة -رضي الله عنه- الآتي: "إن عَطِب منها شيء، فخَشِيتَ عليه موتًا، فانحرها" (ثُمَّ اصْبُغْ) -بضم الموحدة، ويجوز فتحها، وكسرها، فهو من باب نفع، ونصر، وضرب (نَعْلَيْهَا) وفي حديث ذؤيب -رضي الله عنه-: "ثم اغمس نعلها" بالإفراد، ولا تَخالف بين الروايتين؛ لأن المفرد المضاف يعمّ، فيكون بمعنى المثنّى: أي النعل التي قلّدتها في عنقها (فِي دَمِهَا) أي دم البُدن التي نحرتها (ثُمَّ اجْعَلْهُ) ذكّر الضمير، وأفرده بتأويل المذكور، أي اجعل المذكور من النعلين المصبوغين (عَلَى صَفْحَتِهَا) -بفتح الصاد المهملة، وسكون الفاء، هو: الجانب من كلّ شيء، وجمعها صفحات، مثلُ سَجْدة وسجدات، ومثله الصفح بلا هاء، والمعنى: اجعل النعلين على جانب سنام البُدن، وإنما يفعل ذلك؛ ليُعْلَم أنه هديٌ عَطِبَ، فينبغي أن يأكله من يجوز له أكله، وحُكِي عن مالك أنه قال: أمره بذلك؛ ليُعْلَم أنه هدي فلا يستباح إلا على الوجه الذي ينبغي، وفي حديث ذُؤيب: "ثم اضرب به صفحتها". (وَلَا تَأكُلْ مِنْهَا أَنْتَ) للتأكيد (وَلَا أَحَدٌ) أي ولا يأكل أحد (مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ") - بضم الراء، وفتحها، وكسرها، وسكون الفاء، قال المجدّ رحمه الله: الرّفقة مثلثة، وكثُمَامة: جماعة تُرافقهم، جمعه ككتاب، وأصحاب، وصُرَد. انتهى (١).
وقال الشوكانيّ: الرفقة -بضم الراء وكسرها- لغتان مشهورتان، أي رفقاؤك، فـ "أهلِ" زائد، وقال البوصيري: بضم الراء وكسرها وسكون الفاء: جماعة ترافقهم في سفرك، والأهل مقحم.
وقال الطيبيّ رحمه اللهُ: لا يأكل الرفقاء سواء كانوا فقراء، أو أغنياء، وإنما مُنِعوا ذلك قطعًا لأطماعهم؛ لئلا ينحرها أحد، ويتعلل بالعطب. انتهى.
وقال النوويّ رحمه اللهُ: وفي المراد بالرفقة وجهان لأصحابنا: أحدهما: أنهم الذين يخالطون المُهْدِي في الأكل وغيره، دون باقي القافلة.
والثاني: وهو الأصح الذي يقتضيه ظاهر نصّ الشافعيّ، وكلام جمهور