للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النوويّ رحمه اللهُ: إذا عَطِب الهديُ وجب ذبحه، وتخليته للمساكين، ويحرم الأكل منها عليه، وعلى رفقته الذين معه في الركب، سواء كان الرفيق مخالطًا له، أو في جملة الناس من غير مخالطة، والسبب في نهيهم قطع الذريعة؛ لئلا يَتَوَصَّل بعض الناس إلى نحره، أو تعييبه قبل أوانه. انتهى (١).

٥ - (ومنها): بيان جواز أكله لسائر الناس إذا كانوا بصفة الاستحقاق؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ثم خلّ بينها وبين الناس، فليأكلوا"، رواه مالك في "الموطّإ"، والدارميّ، وابن حبّان في "صحيحه"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في الأكل من الهدي إذا عَطِبَ، فنَحَره:

قال النوويّ رحمه اللهُ: اختَلَف العلماء في الأكل من الهدي إذا عطب، فنحره، فقال الشافعيّ: إن كان هدي تطوع، كان له أن يفعل فيه ما شاء، من بيع، وذبح، وأكل، وإطعام، وغير ذلك، وله ترْكه، ولا شيء عليه في كل ذلك؛ لأنه مُلْكه، وإن كان هديًا منذورًا لزمه ذبحه، فإن ترَكه حتى هلك لزمه ضمانه، كما لو فَرَّط في حفظ الوديعة حتى تلفت، فإذا ذبحه، غمس نعله التي قلّده إياها في دمه، وضرب بها صفحة سنامه، وترَكه موضعه؛ ليَعْلَم مَن مَرَّ به أنه هديٌ، فيأكله، ولا يجوز للمهدي، ولا لسائق هذا الهدي وقائده الأكل منه، ولا يجوز للأغنياء الأكل منه مطلقًا؛ لأن الهدي مُسْتَحَقٌّ للمساكين، فلا يجوز لغيرهم، ويجوز للفقراء من غير أهل هذه الرفقة، ولا يجوز لفقراء الرفقة. انتهى (٢).

وقال الشيخ الشنقيطيّ رحمه اللهُ: إن ما عطب بالطريق من الهدي إن كان متعلقًا بذمته سليمًا، فالظاهر أن له الأكل منه، والتصرف فيه؛ لأنه يلزمه بدله سليمًا، وقيل: يلزم الذي عطب والسليم معًا لفقراء الحرم، وأن ما تعلق الوجوب فيه بعين الهدي، كالنذر المعيّن للمساكين، ليس له تصرف فيه، ولا الأكل منه إذا عطب، ولا بعد نحره إن بلغ محله على الأظهر.


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ٧٧.
(٢) "شرح النوويّ" ٩/ ٧٧.