منه، قال السائب بن يزيد: صليت الجمعة في المقصورة، فلما سَلَّم الإمام قمت في مقامي، فصليت، فلما دَخَلَ معاوية أرسل إليّ، فقال: لا تَعُد لما فعلت، إذا صليت الجمعة فلا تصِلها بصلاة حتى تتكلم، أو تخرج، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بذلك ألا توصل الصلاة حتى يتكلم، أو يخرج.
(الوجه الحادي والخمسون): أنه أَمَر مَن صلى في رحله، ثم جاء إلى المسجد أن يصلي مع الإمام، وتكون له نافلة؛ لئلا يُتَّخَذ قعوده، والناس يصلون ذريعةً إلى إساءة الظن به، وأنه ليس من المصلين.
(الوجه الثاني والخمسون): أنه نَهَى أن يسمر بعد العشاء الآخرة إلى لمصلٍّ، أو مسافرٍ، وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها، وما ذاك إلا لأن النوم قبلها ذريعة إلى تفويتها، والسمر بعدها ذريعةٌ إلى تفويت قيام الليل، فإن عارضه مصلحةٌ راجحةٌ، كالسمر في العلم، ومصالح المسلمين لم يُكْرَه.
(الوجه الثالث والخمسون): أنه نَهَى النساء إذا صلين مع الرجال أن يَرفعن رؤوسهن قبل الرجال؛ لئلا يكون ذريعةً منهن إلى رؤية عورات الرجال من وراء الأُزُر، كما جاء التعليل بذلك في الحديث.
(الوجه الرابع والخمسون): أنه نَهَى الرجل أن يتخطى المسجد الذي يليه إلى غيره، كما رواه بقية، عن المجاشع بن عمرو، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ليصَلّ أحدكم في المسجد الذي يليه، ولا يتخطاه إلى غيره"، وما ذاك إلا لأنه ذريعةٌ إلى هجر المسجد الذي يليه، وإيحاش صدر الإمام، وإن كان الإمام لا يتم الصلاة، أو يُرمَى ببدعة، أو يُعْلِن بفجور، فلا بأس بتخطيه إلى غيره.
(الوجه الخامس والخمسون): أنه نَهَى الرجل بعد الأذان أن يخرج من المسجد حتى يصلي؛ لئلا يكون خروجه ذريعةً إلى اشتغاله عن الصلاة جماعةً، كما قال عمار - رضي الله عنه - لرجل رآه قد خرج بعد الأذان: أما هذا فقد عصى أبا القاسم.
(الوجه السادس والخمسون): أنه نَهَى عن الاحتباء يوم الجمعة، كما رواه أحمد في "مسنده" من حديث سهل بن معاذ، عن أبيه:"نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الاحتباء يوم الجمعة"، وما ذاك إلا أنه ذريعة إلى النوم.