للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"جعل عمودين عن يساره، وعمودًا عن يمينه"، عكس رواية إسماعيل، وكذلك قال الشافعيّ، وبشر بن عمر في إحدى الروايتين عنهما.

وجمع بعض المتأخرين بين هاتين الروايتين باحتمال تعدد الواقعة، وهو بعيدٌ؛ لاتحاد مخرج الحديث، وقد جزم البيهقيّ بترجيح رواية إسماعيل، ومن وافقه.

قال: وفيه اختلاف رابع، قال عثمان بن عمر، عن مالك: "جعل عمودين عن يمينه، وعمودين عن يساره"، قال: ويمكن توجيهه بأن يكون هناك أربعة أعمدة: اثنان مجتمعان، واثنان منفردان، فوقف عند المجتمعين، لكن يعكر عليه قوله: "وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة"، بعد قوله: "وثلاثة أعمدة وراءه"، وقد قال الدارقطنيّ: لم يتابع عثمان بن عمر على ذلك. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: يُستفاد مما ذكره الدارقطنيّ من تفرّد عثمان بن عمر بهذه الرواية المخالفة لروايات الجمهور، وهي قوله: "جعل عمودين عن يمينه، وعمودين عن يساره" أنها رواية شاذّة مردودة للمخالفة المذكورة، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ) إخبار عما كان عليه البيت قبل أن يُهْدَم، ويُبْنَى في زمن ابن الزبير -رضي الله عنهما-، وأما الآن فعلى ثلاثة أعمدة.

(ثُمَّ صَلَّى) أي: متوجهًا إلى الجدار الغربيّ المقابل للجدار الشرقيّ الذي فيه الباب تقريبًا بينه -صلى الله عليه وسلم- وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع.

وفي الحديث مشروعية الدخول في الكعبة، واستحبابه، وفيه استحباب الصلاة فيها، وهو ظاهر في النفل، وَيلتحق به الفرض؛ إذ لا فرق بينهما، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- هذا متّفق عليه.


(١) "الفتح" ٢/ ٢٤٨.