للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نسبة ذلك إلى جميعهم، والمشهور عن أسامة النفي، كما تقدم (١).

وقال القاضي عياض -رحمه الله-: إن أهل الحديث وهّنوا هذه الرواية، فقال الدارقطنيّ: وَهِمَ ابن عون هنا، وخالفه غيره، فأسندوه عن بلال وحده.

قال القاضي: وهذا هو الذي ذكره مسلم في باقي الطرق، إلا أن في رواية حرملة، عن ابن وهب: "فأخبرني بلال، أو عثمان بن طلحة". هكذا هو عند عامة شيوخنا، وفي بعض النسخ: "وعثمان"، قال: وهذا يَعْضِد رواية ابن عون، والمشهور انفراد بلال برواية ذلك.

[فإن قلت]: كيف الجمع بين إثبات بلال، ونفي أسامة، مع دخولهما مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في مرة واحدة؟

[قلت]: أجيب عنه بأوجه:

[أحدها]: قال النوويّ: وأما نفي أسامة فسببه أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب، واشتغلوا بالدعاء، فرأى أسامة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يدعو، ثم اشتغل أسامة بالدعاء في ناحية من نواحي البيت، والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- في ناحية أخرى، وبلال قريب منه، ثم صلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فرآه بلال؛ لقربه، ولم يره أسامة؛ لبُعده واشتغاله، وكانت صلاته خفيفة، فلم يرها أسامة، لإغلاق الباب مع بُعده واشتغاله بالدعاء، وجاز له نفيها عملًا بظنه، وأما بلال فتحققها، فأخبر بها.

[الثاني]: أنه يَحْتَمِل أن يكون أسامة غاب عنه بعد دخوله لحاجة، فلم يشهد صلاته. أجاب به الشيخ محب الدين الطبريّ. انتهى (٢).

قال الحافظ: ويشهد له ما رواه أبو داود الطيالسيّ في "مسنده"، عن ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن مهران، عن عمير مولى ابن عباس، عن أسامة، قال: "دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الكعبة، فرأى صُوَرًا، فدعا بدلو من ماء، فأتيته به، فضرب به الصور"، فهذا إسناد جيّد.

قال القرطبيّ: فلعله استَصْحَب النفي لسرعة عوده. انتهى، وهو مفرعّ على أن هذه القصة وقعت عام الفتح، فإن لم يكن، فقد روى عمر بن شبة في


(١) سيأتي أن هذه الرواية شاذّة، فلا يُعتمد عليها، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
(٢) "طرح التثريب" ٥/ ١٣٥.