فيما يحدثون به؛ لأن تصديقهم قد يكون ذريعةً إلى التصديق بالباطل، وتكذيبهم قد يكون ذريعةً إلى التكذيب بالحقّ، كما عَلَّل به في نفس الحديث.
(الوجه الثامن والستون): أنه نَهَى أن يُسَمّي عبده بأفلح، ونافع، ورَبَاح، ويسار؛ لأن ذلك قد يكون ذريعةً إلى ما يُكْرَه من الطِّيَرة بأن يقال: ليس ها هنا يسار، ولا رَباح، ولا أفلح، وإن كان إنما قصد اسم الغلام، ولكن سدًّا لذريعة اللفظ المكروه الذي يستوحش منه السامع.
(الوجه التاسع والستون): أنه نَهَى الرجل عن الدخول على النساء؛ لأنه ذريعة ظاهرة.
(الوجه السبعون): أنه نَهَى أن يُسَمَّى باسم بَرَّة؛ لأنه ذريعةٌ إلى تزكية النفس بهذا الاسم، وإن كان إنما قَصَد العلمية.
(الوجه الحادي والسبعون): أنه نَهى عن التداوي بالخمر، وإن كانت مصلحةُ التداوي راجحةً على مفسدة ملابستها؛ سدًّا لذريعة قربانها، واقتنائها، ومحبة النفوس لها، فَحَسَمَ عليها المادة حتى في تناولها على وجه التداوي، وهذا من أبلغ سدّ الذرائع.
(الوجه الثاني والسبعون): أنه نَهَى أن يتناجى اثنان دون الثالث؛ لأن ذلك ذريعةٌ إلى حزنه، وكسر قلبه، وظنه السوء.
(الوجه الثالث والسبعون): أن الله حَرَّم نكاح الأمة على القادر على نكاح الحرة، إذا لم يخش العَنَتَ؛ لأن ذلك ذريعةٌ إلى إرقاق ولده، حتى لو كانت الأمة من الآيسات من الْحَبَل والولادة لم تحل له؛ سدًّا للذريعة، ولهذا منع الإمام أحمد الأسير والتاجر أن يتزوج في دار الحرب؛ خشيةَ تعريض ولده للرق، وعَلَّله بعلة أخرى، وهي أنه قد لا يمكنه منع العدو من مشاركته في زوجته.
(الوجه الرابع والسبعون): أنه نَهى أن يورد مُمْرِض على مُصِحٍّ؛ لأن ذلك قد يكون ذريعةً إما إلى إعدائه، وإما إلى تأذيه بالتوهم والخوف، وذلك سبب إلى إصابة المكروه له.
(الوجه الخامس والسبعون): أنه نَهَى أصحابه عن دخول ديار ثمود، إلا أن يكونوا باكين، خشيةَ أن يصيبهم مثل ما أصابهم، فجَعَل الدخول من غير بكاء ذريعةً إلى إصابة المكروه.