(الوجه السادس والسبعون): أنه نَهى الرجل أن ينظر إلى مَن فُضِّل عليه في المال واللباس؛ فإنه ذريعة إلى ازدرائه نعمة الله عليه، واحتقاره لها، وذلك سبب الهلاك.
(الوجه السابع والسبعون): أنه نَهى عن إنزاء الحمر على الخيل؛ لأن ذلك ذريعةٌ إلى قطع نسل الخيل، أو تقليلها، ومن هذا نهيه عن أكل لحومها - إن صَحَّ الحديث فيه - إنما كان لأنه ذريعة إلى تقليلها، كما نَهاهم في بعض الغزوات عن نحر ظهورهم لَمّا كان ذريعةً إلى لحوَق الضرر بهم بفقد الظهر.
(الوجه الثامن والسبعون): أنه نَهى مَن رأى رؤيا يَكرَهها، أن يتحدث بها، فإنه ذريعةٌ إلى انتقالها من مرتبة الوجود اللفظي إلى مرتبة الوجود الخارجي، كما انتقلت من الوجود الذهني إلى اللفظيّ، وهكذا عامّة الأمور تكون في الذهن، ثم تنتقل إلى الحسّ، وهذا من ألطف سدّ الذرائع، وأنفعها، ومن تأمل عامة الشرّ رآه متنقلًا في درجات الظهور، طَبَقًا بعد طَبَقٍ من الذهن إلى اللفظ إلى الخارج.
(الوجه التاسع والسبعون): أنه سئل عن الخمر تُتَّخَذ خَلًّا؟ فقال:"لا"، مع إذنه في خل الخمر الذي حَصَل بغير التخليل، وما ذلك إلا سدًّا لذريعة إمساكها بكل طريق؛ إذ لو أذن في تخليلها، لحبسها أصحابها لذلك، وكان ذريعة إلى المحذور.
(الوجه الثمانون): أنه نَهَى أن يُتَعاطَى السيفُ مسلولًا، وما ذاك إلا أنه ذريعةٌ إلى الإصابة بمكروه، ولعلّ الشيطان يُعينه، وينزع في يده، فيقع المحذور، ويَقرُب منه.
(الوجه الحادي والثمانون): أنه أَمر المارّ في المسجد بِنِبال أن يُمسك على نصلها بيده؛ لئلا يكون ذريعةً إلى تأذِّي رجل مسلم بالنِّصَال.
(الوجه الثاني والثمانون): أنه حَرَّم الشياع (١) وهو المفاخرة بالجماع؛
(١) قال ابن الأثير في "النهاية" (٢/ ٥٢٠): "الشياع حرام"، كذا رواه بعضهم، وفسّره بالمفاخرة بالجماع، وقال أبو عمر: إنه تصحيف، وهو بالسين المهملة، والباء الموحّدة، وقد تقدّم، وإن كان محفوظًا، فلعلّه من تسمية الزوجة شاعة. انتهى.