للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأنه ذريعة إلى تحريك النفوس والتشبه، وقد لا يكون عند الرجل مَن يُغنيه من الحلال، فيتخطى إلى الحرام، ومن هذا كان المجاهرون خارجين من عافية الله، وهم المتحدِّثون بما فعلوه من المعاصي، فإن السامع تتحرك نفسه إلى التشبه، وفي ذلك من الفساد المنتشر ما لا يعلمه إلا الله.

(الوجه الثالث والثمانون): أنه نَهَى عن البول في الماء الدائم، وما ذاك إلا أن تواتر البول فيه ذريعة إلى تنجيسه، وعلى هذا، فلا فرق بين القليل والكثير، وبول الواحد والعدد، وهذا أولى من تفسيره بما دون القلتين، أو بما يمكن نزحه، فإن الشارع الحكيم لا يأذن للناس أن يبولوا في المياه الدائمة، إذا جاوزت القلتين، أو لم يُمكن نزحها، فإن في ذلك من إفساد مياه الناس، ومواردهم ما لا تأتي به شريعة، فحكمة شريعته اقتضت المنع من البول فيه قَلَّ أو كثر؛ سدًّا لذريعة إفساده.

(الوجه الرابع والثمانون): أنه نَهَى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدوّ، فإنه ذريعة إلى أن تناله أيديهم، كما عَلَّل به في نفس الحديث.

(الوجه الخامس والثمانون): أنه نَهَى عن الإحتكار، وقال: "لا يحتكر إلا خاطئ"، فإنه ذريعة إلى أن يُضَيّق على الناس أقواتهم، ولهذا لا يُمنَع من احتكار ما لا يَضُرُّ الناس.

(الوجه السادس والثمانون): أنه نَهى عن منع فضل الماء؛ لئلا يكون ذريعةً إلى منع فضل الكلأ، كما عَلَّل به في نفس الحديث، فجعله بمنعه من الماء مانعًا من الكلأ؛ لأن صاحب المواشي إذا لم يُمَكِّنه الشرب من ذلك الماء، لم يتمكن من المرعى الذي حوله.

(الوجه السابع والثمانون): أنه نَهَى عن إقامة حدّ الزنا على الحامل حتى تضع؛ لئلا يكون ذلك ذريعةً إلى قتل ما في بطنها، كما قال في الحديث الآخر: "لولا ما في البيوت من النساء والذرية، لأمرت فتياني أن يحملوا معهم حُزَمًا من حَطَب، فأخالفَ إلى قوم لا يشهدون الصلاة في الجماعة، فأُحَرِّق عليهم بيوتهم بالنار"، فمنعه من تحريق بيوتهم التي عَصُوا الله فيها بتخلفهم عن الجماعة، كون ذلك ذريعةً إلى عقوبة مَن لم يجب عليه حضور الجماعة من النساء والأطفال.