للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو مصحف حُبسا في سبيل الله؛ فإنه لا يجوز تغييره عن الوجه الذي حُبس له، وإنما ذلك الكنز كما ذكرناه، وكأنه فضلةُ ما كان يُهدَى إليها عما كانت تحتاج إليه مما ينفق فيها، فلما افتتح النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مكة خاف من نفرة قلوب قريش إن هو أنفقه في سبيل الله، كما قال، وذلك: أنهم كانت عادتهم في ذلك: ألّا يتعرضوا له، فأقرّه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على ذلك؛ لِما ذكرناه، ثم إنه بقي على ذلك في إمارة أبي بكر وعمر، ولا أدري ما صنع به بعد ذلك، وينبغي أن يبحث عنه، قال: وسبيل الله هنا: الجهاد، وهو الظاهر من عُرف الشرع، كما قررناه في كتاب الزكاة. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله- (١).

قال الجامع عفا الله عنه: إخراج القرطبيّ حلي الكعبة من حكم الكنز فيه نظر، لا يخفى، فتأمل، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال الحافظ -رحمه الله-: قوله: "ولأنفقت كنز الكعبة" لم أر هذه الزيادة إلا من هذا الوجه، ومن طريق آخر أخرجه أبو عوانة من طريق القاسم بن محمد، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة -رضي الله عنها-. انتهى (٢).

وقوله: (وَلَجَعَلْتُ بَابَهَا بِالْأَرْضِ) أي: لاصقًا بالأرض، كما قال في الرواية التالية: "لهدمت الكعبة، فألزقتها بالأرض".

وقوله: (وَلَأَدْخَلْتُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ") "من" هنا للتبعيض، بدليل قوله في الرواية الأخرى: "أدخلت من الحجر خمسة أذرُع" (٣).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رحمه الله- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٢٤٥] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ سَعِيدٍ -يَعْنِي ابْنَ مِينَاءَ- قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي خَالَتِي -يَعْنِي عَائِشَةَ- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَا عَائِشَةُ


(١) "المفهم" ٣/ ٤٣٤ - ٤٣٥.
(٢) "الفتح" ٤/ ٤٨٧ - ٤٨٨.
(٣) "المفهم" ٣/ ٤٣٥.