للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعمل عَمَلَ فِعله، وقوله: (بِكُفْرٍ) متعلّق بـ "حديثٌ"، أو بـ "عهدهم"، وقوله: (وَلَيْسَ عِنْدِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يُقَوِّي عَلَى بِنَائِهِ) جملة حاليّة اعتَرضت بين "لولا"، وجوابها، و"يُقَوَّي" من التقوية، وفي بعض النسخ: "ما يُقَوِّيني"، ويَحْتَمِل أن يكون "يَقْوَى" بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه، من قَوَيَ ثلاثيًّا، من باب تَعِب.

(لَكُنْتُ أَدْخَلْتُ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ خَمْسَ أَذْرُعٍ) هكذا في هذه الرواية: "خمسة أذرع"، وهي رواية شاذّة، والمحفوظ ما تقدّم في رواية سعيد بن ميناء، عن عبد الله بن الزبير بلفظ: "وزدت فيها ستة أذرع من الحجر".

قال في "الفتح": وأما رواية عطاء عند مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا: "لكنت أدخل فيها من الحجر خمسة أذرع"، فهي شاذةٌ، والرواية السابقة -يعني: "ستة أذرع"- أرجح؛ لما فيها من الزيادة عن الثقات الحفاظ.

قال: ثم ظهر لي لرواية عطاء وجه، وهو أنه أريدَ بها ما عدا الفرجة التي بين الركن والحجر، فتجتمع مع الروايات الأخرى، فإن الذي عدا الفرجة أربعة أذرع وشيء، ولهذا وقع عند الفاكهيّ من حديث أبي عمرو بن عديّ بن الحمراء؛ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة في هذه القصة: "ولأدخلت فيها من الحجر أربعة أذرع"، فيُحْمَل هذا على إلغاء الكسر، ورواية عطاء على جبره، ويجمع بين الروايات كلها بذلك، قال: ولم أر من سبقني إلى ذلك. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الجمع الأخير لا يخفى تكلّفه، فالظاهر أن رواية خمسة أذرع شاذّة، كما سبق، فتأمّل، والله تعالى أعلم.

وقال النوويّ -رحمه الله-: قال أصحابنا: ست أذرع من الحجر مما يلي البيت محسوبة من البيت بلا خلاف، وفي الزائد خلاف، فإن طاف في الحجر، وبينه وبين البيت أكثر من ستة أذرع، ففيه وجهان لأصحابنا:

أحدهما يجوز؛ لظواهر هذه الأحاديث، وهذا هو الذي رجحه جماعات من أصحابنا الخراسانيين.

والثاني: لا يصح طوافه في شيء من الحجر، ولا على جداره، ولا


(١) "الفتح" ٤/ ٤٨٩.