للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يصح حتى يطوف خارجًا من جميع الْحِجْر، وهذا هو الصحيح، وهو الذي نصّ عليه الشافعيّ، وقطع به جماهير أصحابنا العراقيين، ورجحه جمهور الأصحاب، وبه قال جميع علماء المسلمين، سوى أبي حنيفة، فإنه قال: إن طاف في الحجر، وبقي في مكة أعاده، وإن رجع من مكة بلا إعادة، أراق دمًا، وأجزأه طوافه، واحتج الجمهور بأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- طاف من وراء الحجر، وقال: "لتأخذوا عني مناسككم"، ثم أطبق المسلمون عليه من زمنه -صلى الله عليه وسلم- إلى الآن، وسواء كان كله من البيت، أم بعضه، فالطواف يكون من ورائه، كما فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي رجحه النوويّ -رحمه الله- من عدم جواز الطواف إلا وراء الحجر كلّه، سيأتي ترجيح خلافه قريبًا -إن شاء الله تعالى-.

(وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ"، قَالَ) ابن الزبير -رضي الله عنهما- (فَأَنَا الْيَوْمَ أَجِدُ مَا أُنْفِقُ، وَلَسْتُ أَخَافُ النَّاسَ) أي: لتمكّن الإيمان في قلوبهم (قَالَ: فَزَادَ فِيهِ خَمْسَ أَذْرُعٍ) تقدّم أن الأرجح أنه ستة أذرع (مِنَ الْحِجْرِ، حَتَّى أَبْدَى) أي: أظهر بالحفر (أُسًّا) -بضمّ الهمزة، وتشديد السين المهملة- قال الفيّوميّ -رحمه الله-: أُسُّ الحائط بالضمّ: أصله، وجمعه آساسٌ، مثلُ قُفْل وأَقفال، وربّما قيل: إِساسٌ، مثلُ عُسّ وعِسَاسٍ، والأَسَاسُ مثله، وجمعه: أُسُسٌ، مثلُ عَنَاقٍ وعُنُقٍ (٢)، وأَسَّسته تأسيسًا: جعلتُ له أَسَاسًا. انتهى (٣). (نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ) إلى ذلك الأُسّ، ففي رواية البخاريّ من طريق جرير بن حازم، عن يزيد بن رُومان، قال: "وشهدت ابن الزبير حين هدمه، وبناه، وأدخل فيه من الحجر، وقد رأيت أساس إبراهيم حجارة كأسنمة الإبل، قال جرير: فقلت له: أين موضعه؟ قال: أُريكه الآن، فدخلت معه الحجر، فأشار إلى مكان، فقال: ها هنا، قال جرير: فحزرت من الحجر ستة أذرع، أو نحوها".


(١) "شرح النوويّ " ٩/ ٩١.
(٢) قيل: الأولى تمثيله بنحو قَذَالٍ وقُذُل؛ لأن جمع عَنَاق على عُنُق لم يُسمع، وإنما هو أعناق، فتنبّه.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٤ - ١٥.