للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلا بإتعاب البدن، فبه يظهر الانقياد، أو النفور، بخلاف الزكاة، فإن الابتلاء فيها بنقص المال، وهو حاصلٌ بالنفس، وبالغير.

وأُجيب بأن قياس الحجّ على الصلاة لا يصحّ؛ لأن عبادة الحجّ ماليّة بدنيّة معًا، فلا يترجّح إلحاقها بالصلاة على إلحاقها بالزكاة، ولهذا قال المازريّ: من غَلَّبَ حكم البَدَن في الحجّ ألحقه بالصلاة، ومن غَلَّبَ حكم المال ألحقه بالصدقة، وقد أجاز المالكيّة الحجّ عن الغير إذا أوصى به، ولم يجيزوا ذلك في الصلاة.

وبأن حصر الابتلاء في المباشرة ممنوع؛ لأنه يوجد في الآمر مِنْ بَذْلِهِ المالَ في الأجرة.

وقال القاضي عياض: لا حُجّة للمخالف في حديث الباب؛ لأن قوله: "إن فريضة الله على عباده إلخ" معناه: إن إلزام الله عباده بالحجّ الذي وقع بشرط الاستطاعة صادف أبي بصفة من لا يستطيع، فهل أحجّ عنه؟ أي: هل يجوز لي ذلك، أو هل فيه أجرٌ ومنفعة؟ فقال: "نعم".

وتُعُقّب بأن في بعض طرقه التصريح بالسؤال عن الإجزاء، فيتمّ الاستدلال، وتقدّم في بعض طرق مسلم: "إن أبي عليه فريضة الله في الحجّ". ولأحمد في رواية: "والحجّ مكتوب عليه".

وادّعَى بعضهم أن هذه القصّة مختصّة بالخثعميّة، كما اختصّ سالم مولى أبي حذيفة بجواز إرضاع الكبير. حكاه ابن عبد البرّ.

وتُعُقّب بأن الأصل عدم الخصوصيّة، واحتجّ بعضهم لذلك بما رواه عبد الملك بن حبيب صاحب "الواضحة" بإسنادين مرسلين، فزاد في الحديث: "حُجّ عنه، وليس لأحد بعده"، ولا حجة فيه لضعف الإسنادين، مع إرسالهما، وقد عارضه قوله في حديث الجهنيّة الماضي: "اقضُوا الله، فالله أحقّ بالوفاء".

وادّعَى آخرون منهم أن ذلك خاصّ بالابن يحجّ عن أبيه. ولا يخفى أنه جمود.

وقال القرطبيّ: رأى مالك أن ظاهر حديث الخثعميّة مخالف لظاهر القرآن، فرجّح ظاهر القرآن، ولا شكّ في ترجيحه من جهة تواتره، ومن جهة أن القول المذكور قول امرأة ظنّت ظنًّا، قال: ولا يقال: قد أجابها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-