للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"سؤالهم" بالرفع على أنه فاعل "أهلك". وفي رواية غير الكشميهنيّ: "أُهلك" بضمّ أوله، وكسر اللام، وقال بعد ذلك: "بسؤالهم" أي: بسبب سؤالهم، وقوله: "واختلافهم" بالرفع، وبالجرّ على الوجهين. ووقع في غير رواية همام عند أحمد بلفظ: "فإنما أُهْلِكَ"، وفيه "بسؤالهم"، ويتعيّن الجرّ في "واختلافهم"، وفي رواية الزهريّ: "فإنما هَلَكَ"، وفيه "سؤالُهم"، ويتعيّن الرفع في "واختلافهم"، وأما قول النوويّ في "أربعينه": و"اختلافهم" برفع الفاء، لا بكسرها، فإنه باعتبار الرواية التي ذكرها، وهي التي من طريق الزهريّ. انتهى (١).

(وَاخْتِلَافِهِمْ) بالجرّ عطفًا على "كثرة سؤالهم"، لا على "سؤالهم"، إذ الاختلاف، وإن قلّ يؤدّي إلى الهلاك.

ويَحْتَمِل أنه عطف على "سؤالهم"، فيكون إِخْبَارًا عمن تقدّم بأنه كَثُرَ اختلافهم في الواقع، فأدّاهم إلى الهلاك، وهو لا ينافي أن القليل من الاختلاف مؤدّ إلى الفساد، قاله السنديّ -رحمه الله- (٢).

(عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ) يعني أنهم إذا أمرهم الأنبياء بعد السؤال، أو قبله اختلفوا عليهم، فهلكوا، واستحقّوا الإهلاك.

قال الأبّيّ -رحمه الله-: قوله: "واختلافهم على أنبيائهم" هو زيادة على ما وقع، فإن الذي وقع إنما هو الإلحاح في السؤال، لا الاختلاف. انتهى.

(فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَىْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ) أي: افعلوا من ذلك المأمور به (مَا اسْتَطَعْتُمْ) "ما" موصولة مفعول "أتوا"؛ أي: الذي تستطيعون فعله، أو هي مصدريّة؛ أي: افعلوا قدر استطاعتكم.

قال النوويّ -رحمه الله-: هذا من قواعد الإسلام المهمّة، ومن جوامع الكلم التي أعطيها -صلى الله عليه وسلم-، ويدخل فيه ما لا يُحصَى من الأحكام؛ كالصلاة بأنواعها، فإذا عجز عن بعض أركانها، أو بعض شروطها أتى بالباقي، وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء، أو الغسل غسل الممكن، وإذا وجد بعض ما يكفيه من


(١) "الفتح" ١٥/ ١٨٩.
(٢) "شرح السنديّ على النسائيّ" ٥/ ١١٠ - ١١١.