وشرب الخمر عند الإكراه، والأصل في ذلك جواز التلفّظ بكلمة الكفر إذا كان القلب مطمئنًّا بالإيمان، كما نطق به القرآن. انتهى.
والتحقيق أن المكلّف في ذلك كلّه ليس منهيًّا عنه في تلك الحال.
وأجاب الماورديّ بأن الكفّ عن المعاصي ترك، وهو سهلٌ، وعمل الطاعة فعلٌ، وهو يشقّ، فلذلك لم يُبَح ارتكاب المعصية، ولو مع العذر؛ لأنه ترك، والترك لا يعجز المعذور عنه، وأباح ترك العمل بالعذر؛ لأن العمل قد يعجز المعذور عنه.
وادّعى بعضهم أن قوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} يتناول امتثال المأمور، واجتناب المنهيّ عنه، وقد قيّد بالاستطاعة، واستويا، فحينئذ يكون الحكمة في تقييد الحديث بالاستطاعة في جانب الأمر دون النهي أن العجز يكثر تصوّره في الأمر، بخلاف النهي، فإن تصوّر العجز فيه محصور في الاضطرار. انتهى ما في "الفتح" وهو بحث نفيس جدًّا (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٧٠/ ٣٢٥٨](١٣٣٧)، وسيأتي في "الفضائل" عقب حديث رقم (٢٣٥٧)، و (البخاريّ) في "كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة"(٧٢٨٨)، و (النسائيّ) في "مناسك الحجّ"(٢٦١٩) وفي "الكبرى"(٣٥٩٨)، و (الترمذيّ) في "العلم"(٢٦٧٩)، و (ابن ماجه) في "المقدّمة"(١ و ٢)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٤٤٧ و ٤٥٦ و ٤٦٧ و ٥٠٨)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(٢٥٠٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(١٨ و ٣٧٠٤)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط"(٣/ ١٣٥)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٤/ ١١)، و (الدارقطنيّ) في "سننه"(٢/ ٢٨١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٤/ ٣٢٥ و ٧/ ١٠٣) و"الصغرى"(٣/ ٤٩١)، والله تعالى أعلم.