للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعموم هذا الحديث يردّ على مالك، والله أعلم. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "إلا معها ذو محرم"؛ أي: فيحلّ، ولم يصرح بذكر الزوج. وسيأتي في حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- في هذا الباب بلفظ: "إلا ومعها أبوها، أو ابنها، أو زوجها، أو أخوها، أو ذو محرم منها".

قال: وضابط المحرم عند العلماء مَن حَرُم عليه نكاحها على التأبيد، بسبب مباح لحرمتها، فخرج بالتأبيد أخت الزوجة، وعمتها، وبالمباح أم الموطوءة بشبهة وبنتها، وبحرمتها الملاعِنة، واستثنى أحمد مَن حَرُمت على التأبيد: مسلمةً لها أبٌ كتابيّ، فقال: لا يكون محرمًا لها؛ لأنه لا يؤمَن أن يفتنها عن دينها إذا خلا بها، ومن قال: إن عبد المرأة محرم لها يحتاج أن يزيد في هذا الضابط ما يُدخله.

وقد رَوَى سعيد بن منصور من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعًا: "سفر المرأة مع عبدها ضيعة"، لكن في إسناده ضعف، وقد احتج به أحمد وغيره، وينبغي لمن أجاز ذلك أن يقيّده بما إذا كانا في قافلة، بخلاف ما إذا كانا وحدهما فلا؛ لهذا الحديث.

وفي آخر حديث ابن عباس هذا ما يُشعر بأن الزوج يدخل في مسمى المحرم، فإنه لما استثنى المحرم، فقال القائل: إن امرأتي حاجّةٌ، فكأنه فَهِمَ حال الزوج في المحرم، ولم يَرُدّ عليه ما فهمه، بل قال له: اخرج معها.

واستثنى بعض العلماء ابن الزوج فكره السفر معه؛ لغلبة الفساد في الناس، قال ابن دقيق العيد: هذه الكراهية عن مالك، فإن كانت للتحريم ففيه بُعْدٌ؛ لمخالفة الحديث، وإن كانت للتنزيه، فَيَتوقف على أن لفظ: "لا يحلّ" هل يتناول المكروه الكراهة التنزيهية؟ انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١٠٥.
(٢) "الفتح" ٥/ ١٦٧.