للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الشافعيّ، والجمهور، وخالف مالك في ابن زوجها، وقد سبق ردّه.

٤ - (ومنها): أنه استدلّ الحنفيّة برواية ثلاثة أيام لمذهبهم، أن قصر الصلاة في السفر لا يجوز إلا في سفر يبلغ ثلاثة أيام، قال النوويّ: وهذا استدلال فاسدٌ، وقد جاءت الأحاديث بروايات مختلفة، كما سبق، وبيّنا مقصودها، وأن السفر يُطلق على يوم، وعلى بريد، وعلى دون ذلك، وقد أوضحت الجواب عن شبهتهم إيضاحًا بليغًا في باب صلاة المسافر من "شرح المهذّب". انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد سبق تحقيق هذه المسألة بأدلتها في أبواب المسافر، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.

٥ - (ومنها): عناية الشرع بسدّ طرق الفساد، وإبعاد المسلمين عما يفتح عليهم باب الشرّ والفساد، فإن سفر المرأة بدون محرمها، لا يخفى ما فيه من الفساد العريض، فسدّ هذا الباب بتحريم سفرها إلا مع من يقوم بحمايتها، ويغار عليها من المحارم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في اشتراط المحرم لوجوب الحجّ على المرأة:

قال النوويّ -رحمه الله-: أجمعت الأمة على أن المرأة يلزمها حجة الإسلام إذا استطاعت؛ لعموم قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} الآية [آل عمران: ٩٧]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "بُنِيَ الإسلام على خمس … " الحديث، وفيه: "وحج البيت من استطاع إليه سبيلًا"، واستطاعتها كاستطاعة الرجل، لكن اختلفوا في اشتراط المحرم لها، فأبو حنيفة يشترطه؛ لوجوب الحج عليها، إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاث مراحل، ووافقه جماعة من أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي، وحُكِي ذلك أيضًا عن الحسن البصريّ، والنخعيّ.

وقال عطاء، وسعيد بن جبير، وابن سيرين، ومالك، والأوزاعيّ، والشافعيّ في المشهور عنه: لا يشترط المحرم، بل يشترط الأمن على نفسها، قال أصحابنا: يحصل الأمن بزوج، أو محرم، أو نسوة ثقات، ولا يلزمها الحج عندنا إلا بأحد هذه الأشياء، فلو وُجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها، لكن يجوز لها الحج معها، هذا هو الصحيح.