للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المشروطة حتى تكون من تعارض العمومين، لا يقال: الاستطاعة المذكورة قد بُيّنت بالزاد والراحلة؛ لأنا نقول: قد تضمنت أحاديث النهي زيادةً على ذلك البيان باعتبار النساء غيرَ منافية، فيتعيّن قبولها، على أن التصريح باشتراط المَحرم في سفر الحج بخصوصه، كما في حديث ابن عباس عند البزار، والدارقطنيّ، وحديث أبي أمامة عند الطبرانيّ مبطل لدعوى التعارض. انتهى (١).

وقال الطبري في "القرى" (ص ٤٤): وافق أبا حنيفة في اشتراط المحرم، أو الزوج: أصحاب الحديث، وهو قول النخعيّ، والحسن البصريّ، وبه قال أحمد، وإسحاق، وهو أحد قولي الشافعيّ، قال البغويّ في "شرح السنة": والقول باشتراط المحرم أولى؛ لظاهر الحديث، ولم يختلفوا أنها ليس لها الخروج في غير الفرض إلا مع محرم، إلا في كافرة أسلمت في دار الحرب، أو أسيرة تخلّصت فيلزمها الخروج بلا محرم.

وقال الطبريّ (ص ٤٥): ووجه دلالة حديث عديّ (٢) على عدم ذلك اعتبار المحرم أنه -صلى الله عليه وسلم- أخبر عن خروج المرأة وحدها عند أمانها على نفسها،


(١) راجع: "المرعاة" ٨/ ٣٣٤.
(٢) أشار به إلى ما أخرجه البخاريّ في "صحيحه"عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه-، قال: بينا أنا عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه رجل، فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه الآخر، فشكا إليه قطع السبيل، فقال: "يا عدي هل رأيت الحيرة؟ فإن طالت بك حياة، فلترينّ الظعينة ترتحل من الْحِيرة، حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحدًا إلا الله، ولئن طالت بك حياة لتُفْتَحَنّ كنوز كسرى، ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يُخرج ملء كفه من ذهب أو فضة، يطلب من يقبله، فلا يجد أحدًا يقبله منه، وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه، وليس بينه وبينه ترجمان، يترجم له، فليقولنّ: ألم أبعث إليك رسولًا فيبلغك؟، فيقول: بلى، فيقول: ألم أعطك مالًا، وأُفضِل عليك؟ فيقول: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم، اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة". قال عديّ: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: يخرج ملء كفّه. انتهى.