للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الزمخشريّ: سُمِّي الأقصى؛ لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد، وقيل: لبُعده عن الأقذار والخَبَث، وقيل: هو أقصى بالنسبة إلى مسجد المدينة؛ لأنه بعيد من مكة، وبيت المقدس أبعد منه.

[فائدة]: لبيت المقدس عدة أسماء تقرب من العشرين، منها: إيلياء بالمد والقصر، وبحذف الياء الأولى، وعن ابن عباس إدخال الألف واللام على هذا الثالث، وبيت الْمَقْدِس بسكون القاف، وبفتحها مع التشديد، والقُدْس، بغير ميم، مع ضم القاف، وسكون الدال، وبضمها أيضًا، وشَلَّم بالمعجمة، وتشديد اللام، وبالمهملة، وشلام بمعجمة، وسَلِم بفتح المهملة، وكسر اللام الخفيفة، وأوري سلم بسكون الواو وبكسر الراء بعدها تحتانية ساكنة، قال الأعشى [من المتقارب]:

وَقَدْ طُفْتُ لِلْمَالِ آفَاقَهُ … دِمَشْقَ فَحِمْصَ فَأُورِي سَلِمْ

ومن أسمائه كُورَةُ، وبيت إيل، وصهيون، ومصروث، آخره مثلثةٌ،

وكورشيلا، وبابوش، بموحدتين، ومعجمة، وقد تتبع أكثر هذه الأسماء

الحسين بن خالويه اللغويّ في "كتاب ليس".

وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد، ومزيتها على غيرها؛ لكونها

مساجد الأنبياء، ولأن الأول قبلة الناس، وإليه حجهم، والثاني كان قبلة الأمم

السالفة، والثالث أُسِّس على التقوى.

وقال النوويّ -رحمه الله-: فيه بيانُ عظيمِ فضيلة هذه المساجد الثلاثة، ومزيتها على غيرها؛ لكونها مساجد الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- ولفضل الصلاة فيها، ولو نذر الذهاب إلى المسجد الحرام لزمه قصده لحجّ أو عمرة، ولو نذره إلى المسجدين الآخرين، فقولان للشافعيّ، أصحهما عند أصحابه يستحبّ قصدهما، ولا يجب، والثاني يجب، وبه قال كثيرون من العلماء.

وأما باقي المساجد سوى الثلاثة، فلا يجب قصدها بالنذر، ولا ينعقد نذر قصدها، هذا مذهبنا، ومذهب العلماء كافّةً إلا محمد بن مسلمة المالكيّ، فقال: إذا نذر قصد مسجد قباء لزمه قصده؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يأتيه كل سبت راكبًا وماشيًا.

وقال الليث بن سعد: يلزمه قصد ذلك المسجد أيّ مسجد كان، وعلى