للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: قال أصحابنا: ولا فرق في تحريم الخلوة حيث حرمناها بين الخلوة في صلاة، أو غيرها، ويستثنى من هذا كله مواضع الضرورة، بأن يجد امرأة أجنبية منقطعة في الطريق، أو نحو ذلك، فيباح له استصحابها، بل يلزمه ذلك إذا خاف عليها لو تركها، وهذا لا اختلاف فيه، ويدلّ عليه حديث عائشة -رضي الله عنها- في قصة الإفك. انتهى (١).

(وَلَا تُسَافِر الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَم") تقدّم شرح هذه الجملة قريبًا (فَقَامَ رَجُلٌ) قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: لم أقف على اسم الرجل، ولا امرأته، ولا على تعيين الغزوة المذكورة (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً) أي: مريدة أداء الحجّ (وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ) بالبناء للمفعول؛ أي: كَتَبْتُ نفسي في أسماء مَن عُيِّن في تلك الغزوة، وقال القرطبيّ: أي ألزمت، وأثبتّ نفسي في ديوان ذلك البعث. انتهى (٢). (فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا) وفي رواية للبخاريّ: "فقال رجل: يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحجّ قال ابن الْمُنَيِّر: الظاهر أن ذلك كان في حجة الوداع، فيؤخذ منه أن الحجّ على التراخي؛ إذ لو كان على الفور لما تأخر الرجل مع رفقته الذين عُيِّنوا في تلك الغَزَاة، قال الحافظ: كذا قال، وليس ما ذكره بلازم؛ لاحتمال أن يكونوا قد حَجُّوا قبل ذلك مع مَن حجّ في سنة تسع، مع أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، أو أن الجهاد قد تعيّن على المذكورين بتعيين الإمام، كما لو نزل عدوّ بقوم، فإنه يتعيّن عليهم الجهاد، ويتأخر الحج اتفاقًا. انتهى.

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("انْطَلِقْ) أي: اذهب (فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ") قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هو فسخٌ لِمَا كان التزم من المضيّ للجهاد، ويدل: على تأكُّد أمر صيانة النساء في الأسفار، وعلى أن الزوج أحقّ بالسفر مع زوجته من ذوي رحمها، ألا ترى أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يسأله هل لها محرم أم لا؟ ولأن الزوج يَطّلع من الزوجة على ما لا يَطّلع منها ذو المحرم، فكان أولى، فإذًا قوله -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث: "إلا ومعها ذو محرمٍ"؛ إنما خرج خطابًا لمن لا زوج لها، والله تعالى أعلم. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١٠٩.
(٢) "المفهم" ٣/ ٤٥٣.
(٣) "المفهم" ٣/ ٤٥٣.