ناقته، فصُرِعا جميعًا، فاقتحم أبو طلحة، فقال: يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال:"عليك المرأة"، فقَلَب ثوبًا على وجهه، وأتاها، فألقاه عليها، وأصلح لهما مركبهما، فركبا، واكتنفنا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما أشرفنا على المدينة قال:"آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون"، فلم يزل يقول ذلك حتى دخل المدينة.
وقوله:(أَنَا) أتى به توكيدًا للضمير المرفوع المتّصل، حتى يعطف عليه ما بعده، وليس لازمًا؛ لوجود الفصل بالظرف، وإلى هذا أشار في "الخلاصة" حيث قال:
وقوله:(وَأَبُو طَلْحَةَ) مرفوع بالعطف على الفاعل، وهو أبو طلحة الأنصاريّ، زيد بن سَهْل بن الأسود بن حَرَام الخزرجيّ، مشهور بكنيته، من كبار الصحابة -رضي الله عنهم-، شَهِدَ بدرًا وما بعدها، مات سنة (٣٤)، وقيل غير ذلك، وتقدّمت ترجمته في "الحيض" ٧/ ٧٢٠. (وصَفِيَّةُ رَدِيفَتُهُ) أي: راكبة خلفه -صلى الله عليه وسلم-، والجملة في محلّ نصب على الحال.
وهي أم المؤمنين صفيّة بنت حُيى بن أخطب الإسرائيليّة، تزوّجها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد خيبر، وماتت سنة (٣٦)، وقيل: في خلافة معاوية -رضي الله عنهما-، وهو الصحيح، تقدّمت ترجمتها في "الحج" ٦٥/ ٣٢٢٣.
(عَلَى نَاقَتِهِ) متعلّق بـ "رديفته"(حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ) أي: بظاهرها (قَالَ: "آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ") تقدّم شرح هذه الكلمات في الحديث الماضي (فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ) أي: الذكر المذكور، ففيه استحباب تكرار هذا الذكر (حَتَّى قَدِمْنَا) بكسر الدال (الْمَدِينَةَ) النبويّة زادها الله تعالى شرفًا وعِزًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
= كان في غزوة خيبر، فالصواب مقفله من خيبر، وقيل: لعله في طريق خيبر مكان يسمّى عُسفان، وقيل: أضافه لتقارب الغزوتين، وهذا هو ما مال إليه الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-، راجع: "الفتح" ٧/ ٣٣٨ - ٣٣٩ "كتاب الجهاد والسير" رقم (٣٠٨٦).