للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطاء، وتشديد الواو، مجزومًا بالعطف على محل "يحجّ" (بِالْبَيْتِ) متعلق بـ "يطوف" (عُرْيَانٌ) بالرفع على الفاعلية لـ "يطوف".

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هذا إبطال لما كانت الجاهلية عليه، من الطواف بالبيت عُرَاةً، واستَدَلَّ به أصحابنا وغيرهم على أن الطواف يُشترط له ستر العورة، والله أعلم. انتهى (١).

(قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ) قال النوويّ: معناه إن الله تعالى قال: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [التوبة: ٣]، فَفَعَلَ أبو بكر، وعليّ وأبو هريرة، وغيرهم، من الصحابة هذا الأذان يوم النحر، بإذن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في أصل الأذان، والظاهر أنه عَيَّن لهم يوم النحر، فتعيّن أنه يوم الحج الأكبر، ولأن معظم المناسك فيه.

وقد اختَلَفَ العلماء في المراد بيوم الحج الأكبر، فقيل: يوم عرفة، وقال مالك، والشافعيّ، والجمهور: هو يوم النحر، ونقل القاضي عياض عن الشافعيّ أنه يوم عرفة، وهذا خلاف المعروف من مذهب الشافعيّ.

قال العلماء: وقيل: الحج الأكبر؛ للاحتراز من الحج الأصغر، وهو العمرة، واحتج من قال: هو يوم عرفة بالحديث المشهور: "الحج عرفةُ"، والله أعلم. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": استنبطه حميد من قوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ}، ومن مناداة أبي هريرة بذلك بأمر أبي بكر يوم النحر، فدل على أن المراد بيوم الحج الأكبر يوم النحر، قال: واختُلِف في المراد بالحج الأصغر، فالجمهور على أنه العمرة، وَصَلَ ذلك عبد الرزاق من طريق عبد الله بن شداد، أحد كبار التابعين، ووصله الطبريّ عن جماعة، منهم: عطاءٌ، والشعبيّ، وعن مجاهد: الحج الأكبر القِرَان، والأصغر الإفراد، وقيل: يوم الحج الأصغر يوم عرفة، ويوم الحج الأكبر يوم النحر؛ لأن فيه تتكمل بقية المناسك، وعن الثوريّ: أيام الحج تُسَمَّى يوم الحج الأكبر، كما


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١١٦.
(٢) "شرح مسلم" ٩/ ١١٦.